أخبار عالمية
"شباب النيل" تكتب عن مخاطر مفاعل ميتسامور في أرمينيا
باكو، 16 أغسطس (أذرتاج).
أدرجت صحيفة "شباب النيل" المصرية في صفحتها مقالا للكاتب الصحفي المصري محمود سعد دياب تحت عنوان " مفاعل ميتسامور .. نوايا غير بريئة وبجاحة أرمينية وصمت دولي مريب". تعيد وكالة أذرتاج بثها:
"لم تكتف أرمينيا – إحدى دول القوقاز ووسط آسيا – بالجرائم التي ارتكبتها على مدار التاريخ ضد الشعب الأذربيجاني الأعزل، والمذابح التي أقاموها بدعم روسي إيراني غربي” للمواطنين الأذريين العزل، حيث أن تلك الدولة المختلقة من قبل الروس القيصريون بهدف فصل الدولة الإسلامية وتقطيع أوصالها بين مقر الخلافة العثمانية في تركيا والدول الإسلامية بوسط آسيا والقوقاز، لجأت إلى الخيار النووي وقررت التسلح به للوقوف أمام الجيش الأذربيجاني الذي وضعت له باكو ميزانية تفوق ثلاثة أضعاف ميزانية أرمينيا بأكملها.
وقد فشلت المساعي السلمية التي بذلها وسطاء في إقناع يريفان بضرورة التخلي عن الخيار النووي وسلوك الطريق الذي سلكته دول حققت التنمية والرخاء بعيدًا عنه؛ خصوصًا وأن الأخيرة لا تستهدف من وراء المشروع النووي أهدافًا سلمية ولكنها تستهدف إرهاب شعوبًا بريئة ودول وحكومات تعارض فكرة احتلالها جزء من أراضي دولة مجاورة وارتكاب مجازر في سبيل ذلك واختراق القوانين الدولية باعتبار قراباغ المحتلة دولة ذات حكم ذاتي لها برلمان وحكومة لكنها في الحقيقة دولة لم يعترف بها أحد حتى أرمينيا نفسها، فضلا عن كونها قد اختارت مكان محطة ميتسامور النووية بالقرب من الحدود التركية، حيث توصف بأنّها “أخطر محطة نووية في العالم”، مما يشكل كابوسًا لجيرانها في منطقة القوقاز، بالإضافة إلى تركيا، خصوصاً وأنّ عمر تلك المحطة الافتراضي قد انتهى.
وقد أُنشئت هذه المحطة في منطقة بين جبل أغري بولاية إغدير شرقي تركيا، وجبال آلاغوز في أرمينيا، وبخلاف انتهاء عمرها الافتراضي، فهي تقع في خط صدع جبل أغري شرقي هضبة الأناضول، وتعرضت للضرر من جراء زلزال عام 1988، الذي نجم عنه خسائر بشرية في أرمينيا. كذلك، تعتمد على تقنيات قديمة في تشغيلها.
وبحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الأوروبي، تعتبر محطة ميتسامور أخطر محطة نووية في العالم، منذ إنشائها عام 1970، فضلاً عن خطرها المباشر على أرمينيا وتركيا وجورجيا وأذربيجان وإيران، وتتزايد مخاوف هذه الدول التي يدعو عدد منها إلى وقف “ميتسامور” عن العمل، لأنه غير آمن وقد يهدد بكارثة بيئية في المنطقة مثلما حدث في مفاعل تشير نوبل السوفييتي من قبل، وفي فوكوشيما الياباني.
الأكثر خطورة في الأمر أن أرمينيا ذات الظروف الاقتصادية الصعبة تلجأ إلى تهريب وبيع اليورانيوم المشع لدول أخرى ولديها الاستعداد لبيعه إلى التنظيمات الإرهابية التي تهدد المنطقة مثل داعش وجبهة النصرة والقاعدة والشباب الصومالية وغيرهم أو إلى الشيطان نفسه ما دام سيعود ذلك عليها بالنفع، حيث أصدر البنك الدولي تقرير سابق أكد أن 37% من المواطنين الأرمن يعيشون تحت خط الفقر، وأن منطقة القوقاز تمتلئ بمن يرغبون في الحصول على المال بأية طريقة ممكنة، حتى وإن كان ذلك يعرضهم لعقوبة السجن، وهو ما يجعل من أرمينيا مكان خصب وقبلة دائمة للجماعات الجهادية والتكفيرية للحصول على تلك المواد الخطيرة.
ودلالة ذلك ما حدث في مايو 2016 عندما تم ضبط 3 متسللين أرمن على حدودها مع جورجيا وبحوزتهم كميات من اليورانيوم المشع بقيمة 200 مليون دولار وأصدرت المحكمة الجنائية في تبليسي العاصمة حكما ضدهم بالسجن 10 سنوات.
ليس ذلك فقط؛ فوفقًا لتصريحات شوتا أوتياشفيلي المتحدث باسم وزير الداخلية الجورجي، فإن الأرمن يستخدمون جورجيا لتهريب المواد النووية المشعة إلى تركيا وإيران، وهو ما يؤكد أنه لا يوجد علاقة بين الخلافات السياسية بين الدول وحركة التجارة حتى الغير مشروع منها، فضلا عما ذكره ضمن تصريحاته عن أنه في عام 2010 تم ضبط مهربان وهما رجل أعمال وكيميائي من أرمينيا بحوزتهما كميات كبيرة من اليورانيوم عالي الخصوبة يمكن استخدامها في إنتاج قنبلة نووية حاولا تهريبها عن طريق القطار من يريفان إلى تبليسي .
كما أظهرت عمليات مراقبة خلال عام 2016 في جنوب القوقاز أن جهودًا كبيرة بذلت لتهريب وبيع اليورانيوم 238، وهو مادة مشعة عالية بشكل غير قانوني، فضلا عن أنه كانت هناك مجموعات مختلفة تحاول تهريب نظير السيزيوم المشع للغاية، وهو ما يدعو للقلق خصوصًا وأن معظم الأنشطة تحدث في المناطق الغير المستقرة والغير الخاضعة للرقابة بين أذربيجان وجورجيا وهي تحت سيطرة الانفصاليين، مثل ناغورنو قراباغ وأوسيتيا الجنوبية، ومن الممكن لهذه النشاطات أن تزدهر في المنطقة التي يطلق عليها “البقع العمياء”.
فيما سجلت أرمينيا – وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية – رقم قياسي في الإتجار غير المشروع بالمواد النووية والمشعة الأخرى، مستندًا للوقائع التي شهدتها الحدود بين أرمينيا وجورجيا منذ مطلع الألفية الجديدة والتي ذكرنا منها بعضها سابقًا.
وليس خافيًا على أحد تصريحات رئيس وزراء أرمينيا الأسبق خلال 2016 والتي صدم بها الجميع معترفًا بأن بلاده تمتلك قدرات نووية كبيرة وترغب في تطويرها، وهو ما لم يجد تعقيبًا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو الأمم المتحدة ولم يحرك أحد ساكنًا مثلما حدث في العراق من قبل وتم التدخل عسكريًا بناء على تصورات وهمية وتشكل تحالف دولي من قوات برية وبحرية وجوية لتخليص العراق من نظام صدام الذي يهدد المنطقة بالنووي، ناهيك عن أن المنطقة التي تقع فيها تلك الأنشطة النووية مضطربة بالفعل وهناك حرب قائمة بين أذربيجان وأرمينيا على إقليم قرة باغ الذي احتلته أرمينيا منتصف التسعينات والذي يشكل 20% من الدولة الآذرية، فضلا عن وجود أدلة تمتلكها أذربيجان تؤكد قيام أرمينيا بدفن النفايات النووية من محطة متسامور في قلب الأراضي المحتلة فضلا عن احتمال إلقاء بعض هذه النفايات النووية في مياه نهري كور وأراز.
الأمر الذي يؤكد استحالة حدوث سلام في تلك المنطقة إلى بعد انهيار روسيا الداعم الأول للأنشطة النووية الأرمينية، والتي تمد يريفان بـ40% من احتياجاتها من الكهرباء، ومن ورائها إيران التي تمتلك هي الأخرى قدرات نووية عملاقة في مفاعل أصفهان وغيره، وهو الأمر الذي أكدته تقارير من وكالة الطاقة الذرية تؤكد أن أوسيتيا الجنوبية تعتبر المعبر الأساسي للمواد النووية القادمة من المنشآت النووية الروسية،
مفاعل متسامور النووي لا يشكل خطرًا على منطقة جنوب القوقاز فقط لكنه يهدد العالم كله، لأن تأثيراته الإشعاعية قد تتسبب في تدمير أجيال كاملة في منطقة تتوسط قارتي أسيا وأوروبا، فضلا عن كونه مفاعل قديم أنشأه الاتحاد السوفيتي عام 1967 بمدينة متسامور على بعد 40 كلم من العاصمة يريفان، وتم تشغيل وحدتي طاقة به الأولى عام 1976 والثانية عام 1980 وكانت قيادة الاتحاد السوفيتي في طريقها لتزويده بوحدات ثالثة ورابعة لولا وقوع حادث مفاعل تشير نوبل في أوكرانيا عام 1986، إلى أن تم إيقاف المفاعل بالكامل عام 1989 بسبب زلزال مدمر وقع على مقربة من المفاعل لكي تبدأ أرمينيا إعادة للتشغيل بعد 4 سنوات فقط وتحديدًا عام 1993 .
وتؤكد المعلومات الجغرافية أن المحطة تقع على بعد 120 كم من حدود أرمينيا مع أذربيجان وجورجيا، و60 كم من حدودها ايران و16 كم من حدودها مع تركيا، وقد يمتد الخطر الكارثي إلى روسيا وبلدان آسيا الوسطى وجنوب وسط وجنوب شرق القارة الصفراء وبحر الخزر والبحر الأسود إلى جانب تسمم أراضي المناطق المذكورة بنفايات المواد المشعة السامة.
وتتمثل خطورة مفاعل متسامور النووي في كون الأجهزة والمعدات التي يعمل بها قديمة قد عفا عليها الزمن، مما يهدد بكارثة جديدة مثل سابق الكوارث التي تعرض لها العالم، فضلا عن كونه موجود في منطقة زلازل قوتها قد تبلغ11 درجة بمقياس ريختر، وهناك 5 خطوط صدع تكتونية تمر حول محطة متسامور يجري واحد منها على بعد مجرد 500 م من المحطة، ولعل زلزال سبيتاك عام 1988م يؤكد مدى الخطر، بالإضافة إلى أن الإجراءات الأمنية في متسامور ضعيفة للغاية ولا تدرك إدارة المفاعل حجم الخطورة التي قد تعصف بحياة عشرات الأبرياء، حيث لم تاخذ في الاعتبار الصعوبات التي واجهتها في العصر السوفيتي بوجود صعوبة في إخماد الحريق الذي نشب في المحطة في 15 أكتوبر 1982م، إلا بعد بذل جهودًا مضنية على مدار 7 ساعات متواصلة."