ثقافة
أذربيجان ومصر تربطهما علاقات سياسية وأدبية وثقافية وطيدة
تحدث مدير المركز الثقافي المصري والملحق الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباكو الدكتور أحمد سامي العايدي في مقابلة خاصة مع مراسل وكالة أذرتاج عن العلاقات الأدبية والسياسية والثقافية بين البلدين. تقدم أذرتاج نص المقابلة:
- السيد المدير، تخصصكم الجامعي هو اللغة التركية واللغة الأذربيجانية وآدابها. كيف تقدر مستوى العلاقات الأدبية بين مصر وأذربيجان؟
في البداية أشكركم وأشكر أذرتاج على حضورها للمركز الثقافي، وأشكركم على المجهود الذي تبذلونه من أجل نشر الثقافة الأذربيجانية والأخبار الصحيحة إلى العالم العربي. بالنسبة لسؤالكم، الحق أن العلاقات بين مصر وأذربيجان قديمة ومن قديم الأزل. لكن في الوقت الحاضر -لبعض الأسباب السياسية والفنية وغيرها- قلت العلاقات الأدبية بين الجانبين ، ولكن برغم هذا يسعى الجانب المصري وكذلك الجانب الأذربيجاني لتقوية هذه العلاقات عن طريق إقامة ندوات مشتركة للكتاب والأدباء المصريين والأذربيجانيين، وكذلك إقامة مؤتمرات مشتركة. كما بدأت حركة الترجمة في انتعاشة ملحوظة في الفترة الأخيرة سواء عن طريق ترجمة الكتب من اللغة الأذربيجانية الى العربية أو من العربية إلى الأذربيجانية. فنحن في الآونة الأخيرة- والحمد لله- نلمس تطورا ملحوظا في هذا الاتجاه. ونطمح إلى الأفضل في الفترة القادمة إن شاء الله. لأذربيجان مدرسة جيدة في مجال دراسة الأدب العربي وترجمته. وأسستها المستشرقة الشهيرة البروفيسورة عائدة إمانقولييفا. ويجب دراسة الكثير من هذه المدرسة.
- مما لا شك فيه أن هناك العديد من أوجه الشبه بين أذربيجان ومصر رغم بعد المسافة بين البلدين. ونود الاستماع إلى آرائكم حول أوجه التشابه بين البلدين؟
في الحقيقة مصر وأذربيجان دولتان مسلمتان تربطهما علاقات قوية ووطيدة سواء في الناحية السياسية أو الأدبية أو الثقافية، فهما دولتان تتمتعان بدين واحد وثقافة واحدة، كما توجد أوجه شبه كثيرة بين اللغتين الأذربيجانية والعربية. فاللغة الأذربيجانية بها عدد كبير من الكلمات العربية الدخيلة، كما دخلت بعض الكلمات الأذربيجانية إلى اللغة العربية. وإذا كان يوجد عند الأذربيجانيين مشكلة قاراباغ، فعندنا نحن المصريين مشكلة مشابهة وهي قضية فلسطين التي تعد قضيتنا. ومن الملاحظ أن أذربيجان تتطور بشكل ملموس وملحوظ. وفي الوقت نفسه تحاول مصر أن تتطور بهذا المستوى. هذا، ويتمتع الشعبان المصري و الأذربيجاني ببعض أوجه الشبه مثل حب الضيافة وحب المساعدة للآخرين وحب الدين.
- كنتم تُدّرِّسون اللغة الأذربيجانية في جامعة عين شمس الشهيرة بمصر قبل تعيينكم في منصب مدير المركز الثقافي المصري بباكو. وسؤالي عن مدى معرفة الطلاب المصريين لثقافة أذربيجان وتاريخها وإنجازاتها الحالية؟
أشكركم على هذا السؤال. وحقيقة نحن في مصر ندرّس اللغة الأذربيجانية منذ عام 1998 وكان لي شرف أن أكون أول خريج يتخصص في اللغة الأذربيجانية وآدابها، وبعد ذلك بدأ عدد الطلاب يتزايد- سنويا- في دراسة اللغة الأذربيجانية، ويصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 100 طالب يدرسون اللغة الأذربيجانية في العام، وهذا العدد من الطلاب الذين يدرسون اللغة الأذربيجانية لا يوجد مثله في أية دولة في العالم. وهذا خير دليل على التقارب والاتصال بيننا. وبالنسبة لسؤالكم عن معرفة الطلاب بثقافة أذرييجان، فنحن لا نركز فقط في درسنا على تدريس اللغة ولكن أثناء الدرس يكون التعريف -أولا- بالقضايا الأذربيجانية، ثم بتقاليد الشعب الأذربيجاني، وكذلك نعرفهم بالأدباء والكتاب الأذربيجانيين المعروفين قديما وحديثا. قديما مثل الشاعر الكبير نظامي وفضولي، وحديثا مثل آنار، إلتشين. وكتاب كثيرين آخرين. كما أننا نقيم بعض الأنشطة الطلابية والندوات الخاصة بأذربيجان ويقوم الطلاب فيها بإلقاء الأشعار الأذربيجانية وبعض القصص الأذربيجانية باللغة الأذربيجانية فيكون لها صدى كبير عند الحضور ، وهذا يدل على مدى معرفة واهتمام الطلاب باللغة والثقافة الأذربيجانية؛ فالثقافة الأذربيجانية ليست غريبة عنا، إن أذرييجان دولة مسلمة ، وثقافتها تناسب الثقافة العربية و الذوق العربي بصفة عامة، ولاسيما الذوق المصري، فهذا الطلاب لا يشعرون بأي غربة أو بأي شيء يخالف اعتقاداتهم في هذا الاتجاه.
- أريد أن أسألكم عن الأعمال والأنشطة المقامة في مجال نشر الثقافتين الأذربيجانية والمصرية في كلا البلدين؟ بشكل عام، كيف تقدر مستوى العلاقات الثقافية بين البلدين؟
كما قلت قبل ذلك إن العلاقات بين مصر وأذربيجان الحمد لله علاقات وطيدة ومتطورة بشكل سريع ولاسيما في المجال الثقافي الذي سألتم عنه، فيوجد بين مصر وأذربيجان في المجال الثقافي علاقات تستمر وتمتد يوما بعد يوم. بيننا اتفاقية لعقد أسبوع ثقافي سنويا، يكون هذا العام في أذربيجان والعام القادم يكون في مصر. كما أن أذربيجان حريصة على المشاركة في المهرجانات الدولية التي تعقدها مصر. فقد شاركت هذا العام في مهرجان السماع في شهر سبتمبر الذي حضره كل الدول، كذلك تشارك مصر في معظم المهرجانات والاحتفالات الثقافية التي تقام في أرض أذربيجان. وفي هذا الشهر شاركت مصر في المهرجان الدولي السادس للمقامات الذي نظمته منظمة "كائنات" للشباب، فقد شاركت طالبتان مصريتان بالغناء وحصلتا على المركز الثاني والثالث في هذا المهرجان. وكذلك تقوم مصر بإقامة بعض المعارض والندوات في مختلف الأماكن في أذربيجان، لاسيما الجامعات. كذلك تقيم أذربيجان على أرض مصر بعض الندوات والاحتفالات في معظم الجامعات المصرية وفي معظم المحافل. ونحن نعتقد أيضا أن من النماذج البارزة للعلاقات الثقافية الوطيدة هي إقامة المركز الثقافي المصري الذي يعد المركز العربي الوحيد هنا في أذربيجان، وهذا يدل على مدى اهتمام مصر بأذربيجان وشعبها وتقاليدها وبجميع النواحي التي تخص أذربيجان. الحمد لله، نحن في هذا المجال نقوم بعلاقات متبادلة وطيدة ، ونحاول نشر الثقافتين من خلال مجال مهم هو الترجمة. فقد تم ترجمة العديد من الأعمال المهمة من الأدب الأذربيجاني إلى اللغة العربية مثل رواية "المخطوط المبتور" لمستشار رئيس الجمهورية كمال عبدالله وكذلك رواية "دنيا الناس" للدكتور واقف سلطانلي، كما تم عن طريق وكالة الأنباء الأذربيجانية أذرتاج ترجمة كتاب عن مأساة خوجالي من اللغة الأذربيجانية إلى اللغة العربية، وكذلك أيضا كتاب عن مهستي الكنجوية. كما ترجمت دراسات كثيرة من الأدب العربي إلى الأذرييجانية مثل كتاب مختارات عن نجيب محفوظ الحاصل على جائزة النوبل وشارك في ترجمته رئيس القسم اللغة العربية بوكالة أذرتاج شيخعلي علييف. وهناك العديد من الأعمال الأخرى المترجمة. أظن أن كل هذا يدل على مدى الترابط الثقافي بين البلدين قديما وحديثا.
- احتفل المركز مؤخرا بذكرى مرور 15 عاما على إنشائه في باكو. ما هي أنشطة المركز المخطط تنفيذها في المستقبل القريب؟
أشكرك على هذا السؤال، لقد أشرتم إلى أن المركز الثقافي أقام في الشهر الماضي احتفالية كبيرة بمناسبة مرور 15 عاما على إنشائه. وهذا يدل على قدم المركز الثقافي في جمهورية أذربيجان التي حصلت على استقلالها حديثا منذ 22 عاما. وأظن أن هذا يدل على الاهتمام المصري بأذربيجان. إن المركز الثقافي المصري، يعتزم في الفترة القادمة - إن شاء الله -إقامة العديد من الاحتفاليات منها إقامة أسبوع ثقافي مصري في العديد من الجامعات يضم الموسيقى والمعارض الخاصة بمصر. كذلك ينوي المركز الثقافي المصري في الفترة القادمة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر القادم إن شاء الله، وأيضا يوجد بعض الندوات الخاصة بالعلاقات المصرية الأذربيجانية في المجال الثقافي والمجال الأدبي والمجال العلمي ،كما يعتزم المركز الثقافي إقامة أسبوع مصري عن طريق دعوة فريق من الفنون الشعبية للأطفال وهذه ستكون أول مرة يشارك فيها فريق الأطفال في أذربيجان. هذا، وينظم المركز الثقافي دورات للغة العربية للمتخصصين ودورات للمحادثة باللغة العربية في المركز، الذي يضم مكتبة تحوي أكثر من 5 آلاف كتاب في مختلف المجالات. فكل هذه الأنشطة والأنشطة الأخرى الكثيرة يعتزم في الفترة القادمة أن يقوم بها المركز الثقافي بغرض التقارب بين الشعبين والتواصل بين الثقافتين وليس الهدف من ذلك نشر الثقافة المصرية أو العربية فقط ، بل التعرف أيضا على أوجه التشابه بين الثقافتين المصرية والأذربيجانية ،وهذا بدوره يوطد العلاقات بين الشعبين, فللأدب دور مهم جدا يعكس مدى حضارة الشعبين.