سياسة
اذربيجان ما بعد الانتخابات البرلمانية ارادة الشعب ... تحققت في البرلمان الجديد
باكو، 10 نوفمبر / تشرين الثاني (أذرتاج).
تعيد وكالة أذرتاج بث مقال د. معتز محي عبد الحميد، الذي أدرجته صحيفة "المراقب العراقي" في عددها الصادر بتأريخ 8 نوفمبر.
"أن الشعوب تسعي في حراكها الديمقراطي إلي تحقيق الاستقرار السياسي الذي يعتبر البيئة الخصبة لنمو الأوطان وتقدمها ورقيها وتأتي الانتخابات بكافة أشكالها البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية كأهم أداة تبحث خلالها الشعوب عن من يوفر لها بيئة الأمن والاستقرار الذي تنشده حتي تتفرغ للبناء والتنمية، وتحقيق حلم الوطن في الاستقلال والعزة والتقدم فالشعوب لا تريد العيش في ترف تغيير قادة وحكام البلاد وإنما تضطر إلي ذلك بغية البحث عن الاستقرار المنشود .
في ظل أجواء الاستقرار التي شهدتها أذربيجان جرت يوم الاحد الاول من تشرين الثاني الانتخابات البرلمانية الخامسة
ونتيجة فرز الأصوات فاز حزب أذربيجان الجديدة الحاكم بأغلبية مقاعد البرلمان المؤلف من 125 عضوا. حيث اكتسح أنصار رئيس أذربيجان إلهام علييف الانتخابات البرلمانية. وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات أن مرشحي حزب أذربيجان الجديدة الحاكم فاز بأغلبية مقاعد البرلمان المؤلف من 125 عضوا والذي يُنتخب كل خمس سنوات من خلال التصويت لمرشحين فرديين في الدوائر الانتخابية. وتلا مظهر باناخوف رئيس لجنة الانتخابات قائمة الفائزين بعد حصر النتائج من كل الدوائر الانتخابية البالغ عددها 125 دائرة. وفازت مجموعة من الأحزاب الصغيرة ومن «المستقلين» الموالين للحكومة بكل المقاعد المتبقية تقريبا. وأوضحت لجنة الانتخابات المركزية في البلاد أن الحزب الحاكم حصل على 70 مقعدا من أصل 125 من مقاعد «مجلس الشعب». وذكرت أن نسبة التصويت تجاوزت 55 في المائة من عدد الناخبين البالغ نحو 5 ملايين و200 ألف. وتنافس على شغل المقاعد النيابية في المجلس المذكور 767 مرشحا، يمثل أكثر من 50 في المائة منهم 15 حزبا سياسيا، بما فيها حزب «أذربيجان الجديدة»، وتكتل الحرية - 2015 الذي يضم أحزابا سياسية معارضة . وخاض الحزب الحاكم الانتخابات تحت شعار «عشر خطوات نحو الأهداف الجديدة». ومن بين هذه الأهداف التي وضعها الحزب في برنامجه زيادة حصة العائدات النفطية في اقتصاد البلاد، وتقديم قدر أكبر من الضمانات الاجتماعية للمواطن، وتنفيذ مشاريع جديدة في البنى التحتية، إلى جانب تحفيز التنمية الاقتصادية على المستوى المحلي في البلاد، فضلا عن تعزيز الدعم الحكومي لتطوير قطاعات الصناعة والزراعة والأعمال الصغيرة والمتوسطة .
برنامج الاحزاب الاخرى
أما الأحزاب والحركات السياسية الأخرى فتبنت برامج انتخابية مشابهة، وركز معظمها كذلك على ضرورة تسوية مشكلة إقليم قره باغ المتنازع عليه مع أرمينيا، وتطوير اقتصاد السوق، والحد من اعتماد الاقتصاد على عائدات النفط والغاز، إلى جانب تقديم مزيد من الضمانات الاجتماعية، وإرساء الحريات الديمقراطية ومكافحة فعالة للفساد. وعلى صعيد السياسة الخارجية برز في إطار الطموحات الانتخابية برنامج التيار اليميني المنادي بتوثيق التكامل في أطر الأجهزة الأوروبية، بما فيها الاتحاد الأوروبي والناتو .
أما حزب «الجبهة الأذربيجانية الموحدة» بزعامة قدرات غسان غولييف الذي يتمتع بتأييد لا بأس به في البلاد، فقدم في برنامجه الانتخابي طروحات تدعو إلى صياغة السياسة الخارجية للبلاد، مع الأخذ في الاعتبار مصالح روسيا الاتحادية وضرورة عدم إقصائها .
اهداف الحكومة
وضعت حكومة أذربيجان أهدافا محددة منذ عام 2003 للإرتقاء بمستويات المعيشة للسكان ، من خلال تطوير الخدمات الصحية والتعليمية والبحث العلمي ، فبينما بلغ حجم النفقات للرعاية الصحية عام 2003 نحو 69 مليون يورو ، زادت في عام 2008 إلي 558 مليون يورو ، ووصلت في عام 2013 إلي 666.3 مليون يورو ، وفي مجال التعليم بلغ حجم النفقات عام 2003 نحو 243 مليون يورو ، بينما وصلت في عام 2013 إلى 1.5 مليار يورو ، وفي مجال البحث العلمي بلغ حجم ميزانية البحث العلمي 28.8 مليون يورو في عام 2005 ، وصلت إلى 130.5 مليون يورو في عام 2013 ، كما تطور مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل كبير ، الأمر الذي جعل أذربيجان من الدول الصاعدة في هذا المجال ، وذلك عندما أطلقت في عام 2013 أول قمر صناعي للفضاء.
وإذا كانت أذربيجان قد استطاعت تحقيق تلك الطفرة الكبيرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فمن حق الشعب الأذربيجاني وحده، وهو الأقدر علي اختيار من يكمل معه مسيرة البلاد في التقدم ومسايرة البلاد المتقدمة، واستكمال أحلام وطموحات الوطن الأسمى في تحرير كامل التراب المحتل من قبل أرمينيا، والذي لم ولن يتحقق إلا من خلال وحدة أبناء الوطن وتكاتفهم في وطن ينعم بالأمن والاستقرار والازدهار.
مستقبل اذربيجان في رأي وزير النفط العراقي
ويقول في هذا الصدد وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي الذي زار اذربيجان في حزيران الماضي في زيارة رسمية :-
ان القيادة الاذرية فخورة بإنجازاتها وتطور الحالة العمرانية، وتحسن مستويات المعيشة، وبلوغ معدل دخل الفرد السنوي 6000-7000 دولار/فرد تقريباً، وتراجع البطالة لمعدل 5% وزيادة مطردة للناتج الوطني الاجمالي، وتطور ملامح الحياة من شوارع نظيفة ومنظمة، باضاءة متميزة وعمارات وفنادق وكورنيشات تشعرك وكأنك في احدى الدول الاوروبية.. ولعل اهم الانجازات التي يتفاخر بها الاذريون هي النجاح في مد خطوط انابيب يبلغ طولها 1774تربط النفط والغاز بين بحر الخزر والاسود والمتوسط الى اوروبا عبر تركيا.. كذلك بتطور مستوى شركاتها، وشاهدنا اعمال بناء لمنصات عملاقة ستنقل الى حقول "شاه دينز" "اوف شور" على بعد 100 كم من باكو وعمق المياه 175 متراً، ويقولون انها من اعقد واصعب المشاريع بسبب الطبيعة الرملية للأعماق، واختلاف الضغوطات مما يجعلها اصعب من انزال انسان على سطح القمر.. كما شرح احد المهندسين وبجهد تمثل العمالة الوطنية 90% منه .
وقال ايضا يروي الاذريون ان اوضاع البلاد حكمها الاستبداد والحرمان خلال فترة الاتحاد السوفياتي، والفوضى والفساد بعد سقوطه.. خصوصاً وان البلاد دخلت الحرب في " نارغوني قرة باغ"، حيث خسرت أذربيجان جزءا من اراضيها.. وبعد فترة من الاضطرابات ومحاولات الانقلاب، وفي 1993استطاع "حيدر علييف" والد الرئيس، من العودة الى الحكم بعد تشخيص الظروف الجديدة، مستثمراً معرفته القديمة بأوضاع اذربيجان، التي كان مسؤولها الحزبي الاعلى لعقود طويلة في الفترة السوفياتية. فانفتح على جميع قوى الجوار والمجتمع الدولي في سياسة مسالمة معيارها جلب المصالح للبلاد.. فحرر الاقتصاد من قيود الدولة.. وبدأ بسلسلة من القرارات والتنظيمات الجريئة. فاستطاع الانطلاق لينتقل من الدولة 97 الى الـ37 في الاقتصاد العالمي .
وختم كلامه عبد المهدي نعتقد ان ما بين العراق واذربيجان من عوامل مشتركة كثيرة في التاريخ والعقيدة وانماط الحياة ومحورية النفط والغاز في الحياة الاقتصادية، يتطلب تطوير العلاقات المتواضعة الحالية لمجالات طموحة عديدة وكثيرة يمكن استثمارها لمصلحة البلدين. وقد شاهدنا نصباً معمارياً في قلب "باكو" العاصمة يعتز به الاذريون للمعمارية العالمية العراقية "زها حديد" ابنة السياسي العراقي المخضرم والذي استوزر في العهدين الملكي والجمهوري، واحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي المرحوم محمد حديد .
رأي المعارضة في الانتخابات
كعادتها في كل انتخابات فإن المعارضة التي لا يحالفها التوفيق دائما ما تعلق فشلها علي أن الانتخابات قد سادها تجاوزات ، مستندة علي تقارير لبعض المنظمات التي تعمل لحساب بعض الجهات التي تحركها بعض الدوافع ، من أجل إثارة الرأي العام ، وإحداث أجواء من التشكيك في المؤسسات الوطنية بهدف زعزعة الاستقرار في البلاد ، والتي لن يستفيد منها سوي أعداء البلاد ولكن وجدنا راي محايد قد حضر الانتخابات وهو راي النائب الفرنسي جان فرانسوا مانسلين حيث قال : إن أذربيجان تعيش اجواء الانتخابات البرلمانية الخامسة في تاريخ استقلالها وهي اجواء ديمقراطية لم اشاهدها في بلد دخلت الديمقراطية حديثا عنده وإن هذه هي الفرصة السانحة للبلد الديمقراطي الشاب في تحسن التجارب الانتخابية وتعزز التعددية عند كل انتخابات برلمانية. واعرب مانسلين عن ثقته في انه سيلاحظ نفس المشهد في هذه الانتخابات أيضا آملا ان يتجنب المراقبون والمعلّقون من ازدواجية المعايير .
وقال ايضا إن الدوائر الساعية الى تشويه سمعة أذربيجان تنسى ان التجارب البرلمانية لهذه الدوائر تكون غير كافية أحيانا، مفيدا ان القائمين بذلك لم يواجهوا مدى تاريخهم ما تواجهه أذربيجان من صعوبات وضغوط . وذكر مانسلين كذلك ان السلطة التنفيذية في أذربيجان كما هو الحال بالبلدان الديمقراطية العصرية تلعب دورا مهما في تحديد النهج السياسي للبلد فلذلك من الواجب نقل الانتخابات البرلمانية الى ميدان النقاش. وأضاف ان للبلد مسائل مهمة أخرى ليس من السهل التغلبُ عليها وتلك القضايا الملحة هي الحفاظ على الاستقلال في الظروف الدولية المتوترة ومساعي استعادة الأراضي المحتلة وتطوير العلاقات الدولية في ظل كل هذا.
ان بعض الدول الغربية حيث نفوذ اللوبي الأرمني توظف العديد من المنظمات العاملة في مجال الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان بشكل سياسي حتي أصبحت كثيراً من تلك المنظمات الواقعة تحت هيمنة اللوبي الأرميني آلية للضغط السياسي بشكل مباشر ولذلك فإن هذه الدول الغربية التي تتغني بالديمقراطية وحقوق الإنسان تتبع معايير مزدوجة في تعاملاتها مع الدول الأخرى بما يتناسب مع مصالحها وأهدافها ، حيث تتعارض تلك المصالح في كثير من الأحيان مع المصالح الوطنية ، ففي الوقت الذي تغض فيه تلك المنظمات الطرف عن التجاوزات الجسيمة في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان في بعض الدول ، فإنها تقوم بالتهويل من بعض الأمور السطحية والبسيطة وربما التي لم تحدث من الأساس في بعض الدول الأخري من أجل الابتزاز والضغط السياسي .
لقد أجريت الانتخابات في أذربيجان في جو من الشفافية والنزاهة وكانت امتحانا جديدا لنضوج الديمقراطية الأذربيجانية الشابة التي بدأت مع تولي الرئيس الراحل حيدر علييف السلطة في البلاد بإجماع شعبي غير مسبوق وكما عبر عنها المراقبين الدوليين فقد كانت هذه الانتخابات خطوة هامة أخرى إلى الأمام على مسار التطور الديمقراطي في أذربيجان ، رغم التحديات التي تواجهها والصعاب التي تعترضها فإنها ماضية بغية تحقيق طموحات شعب أذربيجان الكبرى في تحرير كامل تراب البلاد من المحتل الأرميني، واستمرار مسيرة البلاد في التقدم والازدهار وتحقيق أعلي مستويات من الرفاهية والعزة والكرامة .