أقاليم
الحفريات الأخيرة تكشف قطعا تاريخية مهمة في ضريح عمر سلطان مؤسس "الخلوتية" المنتشرة في الشرق الاوسط
شاماخي، 17 يونيو، عادل أغاييف، أذرتاج
أنجزت البعثة الأثرية لمعهد الآثار والإثنوغرافيا لأكاديمية العلوم الوطنية لأذربيجان الأبحاث والحفريات في ضريح عمر سلطان مؤسس "الخلوتية" في قرية أواخيل في مقاطعة شاماخي.
يفيد المراسل الإقليمي لوكالة أذرتاج أن الأبحاث الجارية برئاسة البروفيسور غفار جابيف أدت إلى اكتشاف ضريح مؤسس مدرسة "الخلوتية" الصوفية التي هي فرع مهم من التصوف في أذربيجان بير عمر أواخيلي شيرواني ودراسته.
وقال البروفيسور غفار جابيف بخصوص الأبحاث المحققة: "شيد الضريح الذي مقياسه 5 × 5 أمتار من أحجار النهر والصخور المحفورة. يبلغ ارتفاع جزء الجدران الشمالية المحفوظ جيداً نسبياً للتربة 2.1 متر وسمكه 0.9 متر. يبلغ عرض حجرة التربة التي تمتد من الشرق إلى الغرب على طول الجانب الجنوبي من الضريح 0.9 متر وطول 2.1 متر. سطح حجرة الضريح مغطى بقطع كبيرة من الصخور. يبلغ عرض الأرضية شمال الضريح 1.9 متر وطول 3.2 أمتار. تم بناء كرسي خاص على طول الحافة الشمالية من الأرض للزوار للجلوس والتلاوة. هناك في وسط الجدار الجنوبي للمقبرة في جزئها السالم مشكاة في شكل قوس عرضه 0.5 متر وارتفاعه 0.8 متر. في أيسر أمام الجدار الجنوبي المشكاة تم العثور على حجر تذكاري فيه تصوير محراب محاط بسلاسل سلجوقية وأنه ينتمي أيضاً إلى ضريح بير عمر".
صرح البروفيسور أن الجدار الغربي للتربة محاط برائحة شجرة الجوز المتعفنة. من وقت لآخر، ضغطت جذور الشجرة على الجدران الغربية والشمالية للتربة وكسرتها. خلال البحث، لم تقطع البعثة الشجرة، نظراً للقيمة العلمية للأساطير المنتشرة حول قيام بير عمر بطقوس الذكر في رائحة هذه الشجرة. لهذا السبب، لم يتم فتح الجدار الغربي للقبر بالكامل. وكان من الممكن سحب كتابة قبرية للتربة فقط والتي كانت مستلقية لأسفل. يُظهر النقش الموجود في الركن الشمالي الغربي من الكتابة أن الأرضية الداخلية للتربة مرتبطة بها، بالإضافة إلى وجود أرضية تشبه الرصيف المعبد على الجانب الغربي من خارج التربة والتي تدل على موقع الباب فيها.
من خلال البحث عثرت في داخل المقبرة وحولها على قطع أثرية مهمة علمياً تتعلق بمدرسة "الخلوتية" الصوفية ومؤسسها بير عمر. ومن بين هذه القطع الأثرية التي عثرت عليها كتابة على التربة ومقبرة بير عمر. يتضح من كتابة المقبرة أن بير عمر توفي في يوليو 1409. جاء في الكتابة أيضاً أن بير عمر كان مؤسساً لمدرسة "الخلوتية" الصوفية ومحبوباً لدى قادة الطوائف. تدعو الكتابة بير عمر بألقاب مثل "الشيخ" و"الزاهد" و"العابد". من المثير للاهتمام أنه في الكتابة باللغة العربية بالخط الثلثي البسيط، تحتوي أيضاً على عبارات باللغة الأذربيجانية التركية.
تم العثور على عدد من الكتابات والشواهد القبرية الأخرى حول القبر. ينتمي أحد هذه الكتابات إلى الشيخ جليل من عشيرة السلطان بايزيد والآخر إلى ابنه ألله ويرميش. كما هو معروف من المصادر التاريخية أن السلطان بايزيد هو أحد خلفاء بير عمر بايزيد بيراني. والشيخ جليل الذي من نسله هو من أتباع مدرسة "الخلوتية" الصوفية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. هذا يثبت أن مدرسة "الخلوتية" الصوفية التي تشكلت في قرية "أواخيل" في منتصف القرن الرابع عشر استمرت في العمل حتى بداية القرن التاسع عشر.
أثناء الحفريات عثر على العديد من المقابر الإسلامية في المنطقة. نقشت على كتابة إحدى القبور الآية الـ16 من سورة غافر في القرآن الكريم " يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ* لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ * لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ * لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" ﴿١٦﴾.
كشفت الحفريات الأثرية عن قطع أثرية أخرى داخل وحول المقبرة ويعتقد أنها طقوس مرتبطة بممارسة التعاليم الصوفية. تدل النماذج للأدوات الحجرية والسيراميك والعملات المعدنية على هذا.
كما هو معروف، فإن تعليم "الخلوتية" الصوفي الذي تشكل لأول مرة في "أواخيل" واجتاز مرحلة التكون في شيروان بأذربيجان بأجمعها انتشر لاحقاً على نطاق واسع في أوروبا وآسيا وأفريقيا. كانت مدرسة "الخلوتية" الصوفية التي تعد دليلاً واضحاً على القيم المتعددة الثقافات لأذربيجان في القرون الوسطى مدعومة من دولة شيروانشاه في مرحلة تشكلها ونموها وراعتها لاحقًا الدول العظمى الأخرى في ذلك الوقت، مثل الدولة التيمورية ودولة كاراغويونلو ودولة أغغويونلو والدولة العثمانية والمماليك المصريين. كما يتبين، فإن تعليم "الخلوتية" الصوفي يغطي مساحة جغرافية واسعة من عالمنا الحديث، ولا يزال الآلاف من أتباعه حتى يومنا هذا.
من الجدير بالذكر أن الرئيس إلهام علييف والنائبة الأولى للرئيس مهريبان علييفا زارا في 25 مايو تربة السلطان بير عمر في إطار زياراتهما لمقاطعة شاماخي حيث أبديا اهتماماً كبيراً للبحث عن الآثار. أعطى الرئيس في زيارته تربة السلطان بير عمر تعليماته وتوصياته للجهات ذات الصلة لمواصلة البحث في الضريح وحماية المكان الأثري القديم.