سياسة
أذربيجان في ذكرى الاستقلال دولة حديثة … ومجتمع مدني قائم على التعددية والمؤسسات
باكو، 1 يونيو (أذرتاج).
أدرجت صحيفة "المراقب العراقي" الشهيرة في صفحتها مقالا للدكتور الأستاذ معتز محي عبد الحميد كاتب متخصص في الشؤون الاذرية تحت عنوان "أذربيجان في ذكرى الاستقلال دولة حديثة … ومجتمع مدني قائم على التعددية والمؤسسات". وتبث أذرتاج المقال بالكامل:
"إن زخارف السجاد الأذربيجاني تصلح تماماً للتعبير عن الثقافة الاذرية وعمق التاريخ الاصيل ، ونظرة الشعب نحو العالم الخارجي بوصفه عنصراً راسخاً ومؤشراً على مدى تاريخ الحضارات . والسجاد حتى وقتنا هذا يلعب دوراً حيوياً، ليس فقط في الحياة المادية، بل أيضاً في الحياة الروحية لهذا الشعب المسلم .
وهكذا، فإن اللون الأحمر في السجاد الاذربيجاني يرمز إلى البداية المستقرة لحياة هذا الشعب الاصيل .
وهناك دور مهم في الحياة الاجتماعية والأسرية للأذربيجانيين تؤديه المبادئ الاجتماعية، مثل كرم الضيافة، والأخوة في المجتمع الريفي الواحد، وتقديم العون المتبادل، والحقوق البسيطة.
وقد تغّنى الشعراء الكلاسيكيون بكرم الضيافة، وكتب عنها الرحالة، كما وجدت انعكاساً لها في التراث الشعبي ، وفي الحكمة والأمثلة الشعبية مثل : “الضيف هو زهرة المنزل”، وبرغم أن عادات الضيافة القديمة قد تعرضت اليوم، للتغييرات واكتسبت أشكالاً جديدة ووظائف اجتماعية ، إلا أن واحدة من هذه العادات احتفظت بوجودها أكثر من غيرها، تلك العادة الموجودة في الأماكن الريفية حيث ــ كما في الماضي ــ مازالوا يخصصون أفضل غرفة في كل بيت للضيوف.
• الطابع القومي والعامل الجغرافي
يمثل الطابع القومي للاذريين القيم الروحية الراسخة التي تعكس الإحساس بالعالم والنظرة إليه ، والأسس الفكرية والاجتماعية للشعب. ويتأثر تشكُّل طابع الشعوب بالعوامل الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، وخصائص التطور التاريخي، والروابط الاقتصادية والعرقية الثقافية. إن الصورة الروحية النفسية للأذربيجانيين، مثلهم في ذلك مثل جميع الشعوب، قد تشكلت تحت تأثير الخبرات السابقة والميول الجديدة. ينتمي الأذربيجانيون من حيث الأصل إلى قدامى السكان في القوقاز. ويشهد على هذا الأمر الكثير من المعالم الاثرية التي تم الكشف عنها، وفي مقدمتها الاثار التي تمثل الفك السفلي لإنسان العصر الحجري القديم والتي عثر عليها في كهف أزيخ في قاراباغ. وحول الروابط العرقية الثقافية بين قدماء العرب والأذربيجانيين ، توجد معلومات مهمة شاهدتها واطلعت عليها في المتحف الوطني في باكو .
• اذربيجان تجتمع فيها الأديان والحضارات
يقول الرئيس الاذري الهام عليف في كلمته في افتتاح المنتدى العالمي السابع لتحالف الحضارات: (أذربيجان مكان تجتمع فيه طوال القرون الأديان والثقافات والحضارات. ولسنا جسرا جغرافيا بين الشرق والغرب فحسب بل اننا جسر ثقافي أيضا. يقيم منتسبو مختلف الأديان والثقافات في أذربيجان في ظروف السلم والعزة. ان التسامح الديني والتعددية الثقافية موجودان هنا دائما. وأفكار التعددية الثقافية موجودة في أذربيجان دائما قبل ظهور كلمة “تعددية ثقافية”.
ونتيجة كل هذا، أصبحت أذربيجان بلداً كثير القوميات والجماعات الدينية. ويعيش هنا منتسبو جميع الأديان والاعراق في ظروف السلام والأمن. وهذا أكبر ثرواتنا فنفتخر بتاريخنا. كما نعتز بآثارنا التاريخية التي تعكس بنفسها الثقافات الشتى. وتحتضن اذربيجان احد اقدم مساجد العالم بمدينة شاماخي المدينة القديمة الأذربيجانية ويعود تاريخ انشائه الى عام 743م.
كما تقع في أذربيجان احدى الكنائس القديمة أيضا، وهي كنيسة يرجع تاريخها إلى عهد البانيا القوقازية القديمة، بضاحية مدينة شاكي المتوغل تاريخها في القدم أيضا. وتخصص حكومة أذربيجان أموالا كبيرة لانشاء المساجد والكنائس المسيحية الارثوذكسية والكاثوليكية وكذلك المعابد اليهودية واصلاحها. هذا هو سياستنا ونمط حياتنا. وحافظت أذربيجان طوال القرون على هذه الثروة القيمة بغض الطرف عن الأوضاع السياسية والاجتماعية الجارية. ولم يتجاوز عمر استقلال بلدنا عن 25 عاما ، ولكنه دولة قديمة لها جذور تاريخية عميقة وثقافية) .
• ارمينيا والاعتداءات المستمرة
بعد نيل الاستقلال وقيام الدولة فإن أذربيجان اليوم تتمتع بالسيادة والاستقرار كباقي الدول، وقد حصلت على اعتراف المجتمع الدولي بأكمله باستقلالها وسيادتها .
ومن الجدير بالذكر، أن قضية ناغورني قارباغ العادلة قد تصدرت منذ بداية العدوان الأرمني عناوين واجندات عمل المنظمات الدولية التي اصدرت قرارات تدين العدوان الأرمني وتطالب بسحب القوات الارمنية من منطقة ناغورني قارباغ الأذربيجانية ، وتدعو لوحدة وسلامة الأراضي الأذربيجانية .
لقد بدأ المجتمع الدولي يتفهم شيئا فشيئا قضية أذربيجان العادلة وضرورة إيجاد حل عادل للنزاع الأذربيجاني الأرميني آجلا أو عاجلا بصدور العديد من القرارات التي تشجب العدوان الأرمني على أذربيجان ومنها قرارات مجلس الأمن للامم المتحدة الصادرة برقم 822 ، 853 874 ،384 ، والتي من خلالها تم شجب العدوان الأرمني على الأراضي الأذربيجانية ومطالبة أرمينيا بسحب قواتها من أقليم ناغورنوقارباغ المحتل.
وعودة اللاجئين إلى أراضيهم الأصلية في جمهورية أذربيجان، كما قامت العديد من الدول الصديقة والشقيقة بشجب عدوان أرمينيا على أذربيجان عبر منظمة المؤتمر الإسلامي التي أصدرت قرارات تدين فيها العدوان الأرميني، وتطالب بسحب قوات الاحتلال من الأراضي الأذربيجانية.
ومن الجدير بالذكر، أن جمهورية أذربيجان تبذل كل ما في وسعها لحل النزاع الارمني الاذربيجاني بطريقة سلمية حيث اكدت مرارا وبطريقة عملية تمسكها بمبادئ التسوية السلمية للنزاعات وتبني مواقفها من اجل حل النزاع الارمني الاذربيجاني على اساس القانون الدولي وعدم المساس بسيادة وسلامة اراضي الدول واحترام حقوق الانسان.
ويقول بهذا الصدد الرئيس الاذري الهام عليف: (ان فترات بناء مقومات دولتنا تزامنت مع عامل فاعل تمثل في اعتداء ارمينيا الجارة الحربي على أذربيجان. واسفرت هذه الاعتداءات الحربية عن احتلال جزء غير قليل من أراضي أذربيجان المعترف بها دوليا. ان قراباغ الجبلي جزء لا يتجزأ من أذربيجان التاريخية وهذا مثبت قانونيا أيضا. وعندما تقدمت أذربيجان بطلب الانضمام إلى عضوية منظمة الأمم المتحدة كانت منطقة قراباغ الجبلي داخل أراضي أذربيجان وخارطتها المثبتة في وثائق العضوية الدولية.
ولكن منطقة قراباغ الجبلي أصبحت محتلة بالكامل جراء اعتداء أرمينيا الحربية المذكورة، والاحتلال شمل ايضا المحافظات السبع المطلة على المنطقة المحتلة في قراباغ الجبلي. كما أدى هذا الاحتلال الأرمني إلى تشريد أكثر من مليون اذربيجاني. وقد ارتكبت أرمينيا ضدنا تطهيرا عرقيا وأن 20 في المائة من أراضينا تحت احتلال أرمينيا منذ اكثر من 20 عاما.
وتعرّض كل شيء كان قائما على أراضينا المحتلة للهدم والتدمير. وان جميع منشآتنا وآثارنا التاريخية ومساجدنا ومقابرنا مدمرة مهدمة. ويمكنكم ان تلاحظوا هنا في وسط باكو، كيف يجري صون التراث الديني للشعب الأرمني من جانبنا. وقد تم اصلاح الكنيسة الأرمنية وهي تقع في مكان تم بناؤها اول مرة. ولكن جميع مساجدنا الواقعة على أراضينا المحتلة تم تدميرها ونهبها وسلبها تماما) .
يذكر ان المجتمع الدولي اصدر قرارات مهمة لإنهاء هذا الاحتلال. بالإضافة الى قرارات قارات مجلس الامن الدولي الاربعة التي تطالب بسحب قوات الاحتلال الأرمنية من اراضي اذربيجان المحتلة وعلى الفور وبدون قيد وشرط . ولكن ارمينيا المعتدية ترفض بشدة تطبيق هذه القرارات ولا تبالي ببساطة بهذه القرارات ولا تنفذها أمام أنظار المجتمع الدولي .
إن أذربيجان تناشد المجتمع الدولي بإدانة العمليات العسكرية اليومية التي تقع على اراضيها وتطلب من المجتمع الدولي والعربي الدعم والمساندة لتحرير الأراضي الأذربيجانية المحتلة وعودة السكان الأصليين الأذربيجانيين إلى أراضيهم وديارهم المحتلة من قبل ارمينيا واحلال السلام في المنطقة.