باكو، 14 نوفمبر (أذرتاج).

أدرجت صحيفة "المراقب العراقي" الشهيرة في صفحتها مقالا للأستاذ الدكتور معتز محي عبد الحميد تحت عنوان " أذربيجان ومنظمة مينسك بين المماطلة والتسويف ومصالح الدول الكبرى". تعيد وكالة أذرتاج بثها:

"لم تعمل منظمة مينسك منذ تشكيلها على حل مشكلة اقليم ناغورو نوقرباغ المتنازع عليه بين اذربيجان وأرمينيا وبقيت تتأثر بمصالح واتجاهات الدول العظمى ومحيطها الاقليمي .

ان أذربيجان هي الدولة صاحبة السيادة القانونية على اقليم ناغورنو قره باخ. كون الأرمن أغلبية سكان الاقليم لا يعطيهم حقا في الاستيلاء عليه وضمه الى أرمينيا. ويرجع ذلك الى عدة اعتبارات لعل أهمها أنه عندما انتهى الاتحاد السوفييتي كان الاقليم جزءاً من أذربيجان. وعندما تأسس كومنولث الدول المستقلة وانضمت اليه أرمينيا وأذربيجان بموجب اعلان آلماتي في 21 كانون الاول سنة 1991 فان الاعلان نص على مبدأ احترام التكامل الإقليمي وحرمة أراضي وقدسية الحدود القائمة بين دول الكومنولث. أي عدم تعديل الحدود الادارية الموروثة من الحقبة السوفييتية إلا بالتراضي. وقد وقعت الدولتان على الاعلان كشرط للعضوية في الكومنولث. وهذا المبدأ أصبح من المبادئ الراسخة في السياسة الدولية وسبق أن قررته واحترمته دول أميركا اللاتينية بعد الاستقلال ما بين 1822-1824، كما أرسته الدول الافريقية في مؤتمر القمة الافريقية المنعقد في لاغوس سنة 1964. ولكن أرمينيا برغم توقيعها على اعلان الماتي إلا أنها راحت تطالب بتعديل الحدود وضم الاقليم اليها وشنت حربا شرسة لتحقيق هذا الهدف. من ناحية أخرى، فانه في سياق الحرب الأذرية الأرمينية أصدر مجلس الأمن أربعة قرارات بأرقام 822، 853، 874، 884 ما بين 30 نيسان سنة 1993، 12 تشرين الثاني سنة 1993 تقضى كلها بسحب «قوات الاحتلال» من الأقاليم الأذرية، وهي كلها قرارات لم يقدر لها التنفيذ. كذلك فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 10693 في 14 اذار سنة 2008، والذي نص على «ضرورة اعادة الاقليم الى أذربيجان وألا تقدم أية دولة المساعدة الى أرمينيا لإبقاء الوضع الراهن وعلى حق السكان الأذريين للإقليم في العودة اليه، مع توفير حياة آمنة وسلمية للسكان الأرمن والأذريين في الاقليم في اطار نظام ديمقراطي.

مجموعة مينسك

ولعل أهم محاولات تسوية النزاع كان هو تكوين منظمة الأمن والتعاون الأوربي ما سمي «بمجموعة مينسك» سنة 1992 وتتناوب رئاستها كل من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا. وقد اقترحت المجموعة في تشرين الثاني سنة 1997 مشروعا للتسوية أسمى «بمبادئ مدريد» يتألف من عدة اتفاقات يتعلق أولها بإنهاء الأعمال العدائية بين الطرفين ، ويتعلق ثانيها بوضع الاقليم. وقد نص مشروع الاتفاق على أن اقليم ناغورنو قره باخ هو جزء من جمهورية أذربيجان ويشارك سكانه في الانتخابات الأذرية مع اعطاء الاقليم وضعا دستوريا في اطار الحكم الذاتي بما في ذلك حق الاقليم في اقامة علاقات خارجية ذات طبيعة غير سياسية ولا يدخل الجيش الأذري الاقليم إلا بموافقة سلطته المحلية.

كما نص المشروع على عدد من اجراءات بناء الثقة. ولكن المشروع لم يتحول الى حيّز التنفيذ. فقد رفضته أرمينيا على لسان وزير خارجيتها ادوارد نالبانديان في 20 تموز سنة 2009 في مؤتمر صحافي عقده في يريفان عاصمة أرمينيا ، وأكد أن أرمينيا تعدّه «مجرد أساس» وأنها لم تقبل مبادئ مدريد. هذا بينما قبلته أذربيجان على لسان وزير خارجيتها المار مامادياروف في 13 كانون الثاني .

وقد فشلت المفاوضات المباشرة بين الطرفين في التوافق على المشروع ما حدا بالرئيس الأذري علييف الى التهديد باللجوء الى القوة. ذلك أن أذربيجان تصر على العودة الكاملة للإقليم الى سيادتها ، كما ترفض عقد استفتاء لتقرير المصير في ظل الأغلبية الأرمينية للإقليم في الوقت الذي تصر فيه أرمينيا على الوضع المستقل تماما للإقليم.

ارمينيا ورفض التفاوض

ادلى الرئيس الارميني سيرج سارجسيان بعد الاجتماع الاخير مع الرئيس الاذربيجاني الهام علييف بتصريحات تتنافى مع روح الاجتماع ، حسبما ذكر نوفروز محمدوف مساعد رئيس اذربيجان لشؤون السياسة الخارجية. وأكد محمدوف ان رئيس الدولة هو من يمثل شعبه مضيفا: «اختار الشعب هذا الشخص لأسباب ما باعتقاد انه مرشح أكثر جدارة والذي يفي بوعده ويقود البلاد الى الأمام. لكن ماذا حدث في الاجتماع الاخير بين رئيسي اذربيجان وأرمينيا ؟ لم يتفاوض الرئيسان الاذربيجاني والارمني حول تسوية نزاع قره باغ الجبلية منذ مدة طويلة لأن الجانب الارمني يعوق المحادثات دائما. وأضاف محمدوف: سارجسيان وعد أمام الرؤساء المشاركين بأنه يوافق على تقديم البيانات الملموسة للمجتمع الدولي بعد الاجتماع لكن تصرف عكس ذلك. في هذه الحالة ، كيف سيثق به الشعب الأرمني ؟ كيف يضمن هو تنمية ورفاه شعبه ؟ ما هو رأي سفراء مجموعة مينسك في الرئيس الذي لا يقدر ان يفي بوعده ؟! إذا تشغل انت منصب رئيس الدولة ، لا يجوز لك أن تنافق وتكذب.

وشدد محمدوف على ان الشعب الارميني في وضع صعب بسبب هؤلاء القادة: الأرمن يغادرون بلادهم. ولا يعيش في أرمينيا اليوم سوى 2.5 مليون شخص. ووفقا للاحصاءات، اذا استمر هذا الوضع، لن يتجاوز عدد السكان 2.5 مليون شخص خلال 20 عاما.

قمة الدول الثماني

في حين قال رئيس اذربيجان الهام علييف في كلمة القاها أمام قمة الدول الثماني الاسلامية النامية التي عقدت في اسطنبول مؤخرا انه على مدى أكثر من 25 عاما قد احتلت أرمينيا الأراضي التاريخية لأذربيجان من ضمنها قره باغ الجبلية وسبع مناطق أخرى محيطة بها ونفذت التطهير العرقي هناك حيث أصبح أكثر من مليون اذربيجاني لاجئين ومشردين داخليا مشددا على انه وفي عام 1992، ارتكبت أرمينيا الإبادة الجماعية في خوجالي الامر الذي اسفر عن مقتل 613 مدنيا أذربيجانيا بينهم 106 نساء و63 طفلا مع ان آلاف الأشخاص في عداد المفقودين، ولفت علييف مذكرا ان «مجلس الامن قد تبنى اربعة قرارات بشأن قضية قره باغ حيث يتطلب الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات المسلحة الأرمينية من الأراضي الأذربيجانية مضيفا انه في الوقت نفسه، اعتمدت حركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمات أخرى قرارات مماثلة. ولكن أرمينيا بوصفها دولة الاحتلال تتجاهلها وتواصل ارتكاب جرائم عسكرية ضد المدنيين الأذربيجانيين. وفي نيسان من العام الماضي، قُتل مسالمون وجنود أذربيجانيون جراء الهجوم المسلح الأرميني على خط الاتصال والى ذلك دُمرت مئات المنازل.

وأكد الرئيس إلهام علييف أن قره باغ الجبلية هي الأرض التاريخية لأذربيجان موضحا انه ينبغي حل النزاع بين ارمينيا وأذربيجان في اطار قرارات مجلس الامن الدولي وان دولتنا والشعب الاذربيجاني لن يسمح بإنشاء دولة أرمينية ثانية في أراضيها القديمة والسلامة الاقليمية لبلدنا ليست ولن تكون موضوع مفاوضات."