سياسة
"المراقب العراقي" ينشر مقالا عن احتلال فضولي وجبرائيل
باكو، 2 سبتمبر / أيلول (أذرتاج).
أدرجت صحيفة "المراقب العراقي" الشهير في العراق في صفحاتها مقالا تحت عنوان "أذربيجان بعد 23 عاماً على احتلال محافظتي فظولي و جبرايل" للكاتب والصحفي العراقي الشهير الدكتور معتز محي عبدالحميد.
وتبث أذرتاج نص المقال:
"تؤدي الأقدار دورا كبيرا في تحديد مصير الشعوب والخطر الخارجي يجعل من الجبهة الداخلية والنسيج الاجتماعي مترابطا ومتماسكا وقويا وقادرا على التفاعل مع التطورات والتحديات الخطرة، وهذا ما حدث في أذربيجان حيث أحست أذربيجان بأن الخطر الخارجي يهدد قوميتها وهويتها الوطنية خاصة وان البلد يملك مواصفات (الفريسة) من حيث وجود الثروات الوطنية (النفط والغاز)-اكبر احتياطي نفطي في بحر قزوين وإنتاج خمس النفط المستخرج من العالم – وله موقع جغرافي مهم – أكبر مدن إقليم القوقاز على بحر قزوين- ويملك مكانة تاريخية ومعنوية متنوعة- مدينة باكو القديمة والآثار الموغلة في القدم والنصوص والمعالم التاريخية –كل هذا جعلها عرضة الى الغزوات الخارجية واحتلال الدول الأخرى لها قديما وحديثا ، ولعل وجود الحصون والقلاع في مدينة باكو القديمة كانت دليلا على توفير الوسائل الدفاعية لدرء الغزوات الخارجية، واستمر هذا التهديد عبر التاريخ لتتعرض أذربيجان الى مراحل متنوعة من التدخلات ويتجلى ذلك في وجود الحضارات (الزرادشتية – الساسانية- العربية – الفارسية- العثمانية والروسية) وهو بدوره كون خليط من هذه الثقافات انعكست على مكونات الشعب الاذري وبدلا من ان تضعفها جعلتها منيعة وقوية بفضل التعايش والتسامح فيما بينها، وبوجود النفط والموقع الجغرافي أصبحت في التاريخ الحديث مستهدفة أكثر من الماضي! حتى أن هتلر كان يعتقد بأنه سوف يخسر الحرب أن لم يحصل على (نفط باكو)، وامتدت تلك الأطماع وتزايدت بعد ضعف الاتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية التي كانت توحد جمهوريات إقليم القوقاز تحت راية موحدة، لتنشب الحروب الإقليمية بين تلك الدول ويكون نصيب أذربيجان حربا شرسة مع أرمينيا التي اقتطعت الأخيرة أراضي واسعة وشردت آلافاً من المواطنين وقتلت واستباحت المئات منهم في بداية التسعينيات واقتطاع هذا الجزء المهم من أراضي أذربيجان لمنحها الى أرمينيا وهي أراض غنية بالنفط والغاز يطلق عليها (ناغورنو قرة باغ) ومازالت الحرب معلنة بين أذربيجان وأرمينيا.
مقبرة الشهداء
في وسط العاصمة باكو، هناك معالم متعددة الاغراض والأهداف مقبرة الشهداء ونصب الشهيد والشعلة الملتهبة على طول السنين، مكان يرمز الى حقب تاريخية دموية قدم فيها الشعب الاذري التضحيات الجسيمة من اجل الوطن، وبذلك استحقوا ان تقام لهم شواهد ومقابر ونصب ونار تعبر على ديمومة استذكارهم من قبل الاحياء عبر مرور الأزمنة. المستشرقة الاذرية بيرفين افندي كانت ترشدني الى هذا النصب المهم جدا الذي يذكرني بالمقابر الجماعية التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب العراقي.
كان بعض المكلومين يزورون ضحاياهم ، يهدونهم الأزهار ، برغم علمهم أنهم في جنان أفضل ، صور الضحايا تفيد أنهم صغار السن سقطوا ليلة الغزو الأرمني لكارباخ , فوجئت بقدوم عريس وعروسه بلباس الزفاف إلى المقبرة ، سألت مرافقتي ، قالت إنها أصبحت عادة لديهم ، يأتون ليلة العرس إلى مقبرة الشهداء يلقون التحية ويمضون ، وكأنهم يشكرون الذين ماتوا من أجل أن يعيشوا هم بأمن وسلام .تشعر بالألم والحسرة على سقوط هؤلاء الشباب برصاص الغدر الأرمني وصمت العالم أمام هذه المجازر والعدوان المتكرر المقبرة في شكلها الحالي كما هي الآن يغطيها الرخام وشيء من الزينة وشيء من البرود ، كانت كما لو أن دم الشهداء مازال يجري على أرضها ، زرت مقابر جماعية عديدة لاحقا في حياتي ، هذه واحدة من مقابر الشهداء التي تركت في نفسي أثرا لا يزول ، وليست لديَّ إجابة واضحة عن السبب .
الذكرى 23 للاحتلال الأرمني
قبل أيام احتفل الشعب الاذري في الذكرى الثالثة والعشرين لاحتلال الأرمن لمحافظتي (فظولي وجبرايل) حيث احتل الأرمن المنطقتين المذكورتين يوم 23 أب (أغسطس) عام 1993. ولا تزال هاتان المدينتان و51 قرية تحت الاحتلال ونتيجة هذا الاحتلال لقي (1100) شخصا مصرعه قتلا على أيدي الأرمن و(1450) شخصا أصبحوا معاقين بالإضافة إلى تدمير بيئة الأراضي والثروات الطبيعية حيث احرق الأرمن (35) الف دونم من مساحة المنطقة وحرقوا كافة الغابات الموجودة هناك. فضلا عن إبادة وحرق المساجد والجوامع والآثار الثقافية والتاريخية لهذه المدن. ان الحكومة الاذرية برغم هذه الاعتداءات المتكررة واحتلال أراضيها ولكنها دائما تطالب بالحلول السلمية. حيث تتصدر أولويات السياسة الخارجية لأذربيجان، ضرورة استعادة الأراضي المحتلة من قِبل أرمينيا في ناغورنو كاراباخ. وتتركز هذه السياسة على: استقلال ووحدة أراضي وسيادة أذربيجان. ومواجهة المخاطر الأمنية وتبعات الاستقلال السياسي. وتلافي آثار الدمار الناتج عن العدوان العسكري من قِبل أرمينيا. وجعْل بحر قزوين منطقة منزوعة السلاح. وضمن سعيها لبناء سياسية خارجية مؤثِّرة، انضمَّت أذربيجان إلى 32 منظمة من المنظمات الإقليمية والدولية.
مفتاح الحل للخروج من الأزمة
وبالنسبة لأذربيجان فإن سيناريو الحل المقبول يقوم على الآتي:
1- يجب أن يأتي الحل متدرجا وعلى مراحل؛ حيث لا يوجد إلى الآن مشروع لتسوية متكاملة، واستمرار الحديث عن تسوية شاملة سيعقِّد المسألة ويُبعد الحل.
2- في المرحلة الأولى، على القوات الأرمينية أن تنسحب من المواقع السبعة التي تحتلها قرب إقليم ناغورنو كاراباخ.
3- عودة سكان هذه المناطق والذين جرى تهجيرهم إلى بيوتهم والذين يقارب عددهم 700 ألف نسمة.
4- فتح مفاوضات مباشرة بين أرمينيا وأذربيجان.
5- تأتي المرحلة الثانية من الحل بجعل إقليم ناغورنو كاراباخ منزوعا من السلاح، والسماح لسكان الإقليم من الأذربيجانيين بالعودة إلى بيوتهم، وكان هناك 120 ألف مواطن جرى طردهم من بيوتهم، 45% من سكان الإقليم من الأذربيجانيين جرى طردهم من خلال سياسة تطهير عِرقي مارستها أرمينيا في الإقليم، ويمكن إثبات ذلك بدلائل تاريخية لا يمكن إنكارها ومن ذلك مذبحة خوجالي التي راح ضحيتها المئات من سكان المدينة الواقعة في الإقليم عام 1992.وفي المرحلة النهائية: لابد أن يأتي الحل بناء على التعريف القانوني الدولي للإقليم وفق الوثائق المعترف بها دوليًّا، ولابد أن يشارك سكان الإقليم الأذربيجانيون في الحل المقترح. وهذا الحل متعدد المراحل لن يتم من دون بناء الثقة بين أذربيجان وأرمينيا، التي يجب أن تمتلك النية والجدية لحل النزاع، والخطوة الأولى لبناء الثقة كما تراها أذربيجان تشترط قيام أرمينيا بسحب قواتها من الإقليم، والقبول بعودة اللاجئين. ومن طرفها تُبدي أذربيجان استعداداها لتصبح هذه المنطقة بعودتها إلى السيطرة الأذربيجانية، من “أكثر مناطق العام تطورا وأمنا واستقرارا.