أخبار عالمية
الصحف المصرية تدرج على صفحاتها مقالا عن الذكرى الثالثة والعشرين لاستقلال جمهورية أذربيجان
أدرجت العديد من الصحف المصرية على صفحاتها مقالا عن الذكرى الثالثة والعشرين لإعادة استقلال جمهورية أذربيجان. كتب المقال المعنون " الشعب الأذربيجاني يحتفل بتاريخ 18 أكتوبر بالذكرى الثالثة والعشرين لإعادة استقلال جمهورية أذربيجان" السفير الأذربيجاني لدى جمهورية مصر العربية شاهين عبداللهيف.
وتبث وكالة أذرتاج نص المقال:
"في الثامن عشر من أكتوبر لعام 1991، عُقدت الجلسة التاريخية للمجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان، تلك الجلسة التي عكست تطلعات الشعب الآذرى نحو الحرية التي طال انتظارها، والذي دل عليها الاعتماد بالإجماع للقانون الدستوري "حول استقلال جمهورية أذربيجان". إن الاختيار الواعي لشعب أذربيجان بالتحرر عن الاتحاد السوفيتي، قد مهد الطريق نحو استعادة استقلال جمهورية أذربيجان، باعتبارها الخليف الشرعي لجمهورية أذربيجان الديمقراطية، التي كانت- رغم قصر فترة وجودها الذي استمر خلال الأعوام من 1918 حتى 1920- أول جمهورية ديمقراطية فى الشرق الأوسط بأسره.
وفى إطار من الأوهام القائمة تحت ضغط المشاكل المتأصلة في الأيام الأولى لاستقلال أذربيجان، وبدرجة بدت معقولة للغاية، تبنى البعض وجهة النظر التي تشكك في قدرة أذربيجان على تجاوز المشاكل الجيوبولوتيكية الإقليمية المعقدة بنجاح، وترسيخ الاستقرار الداخلي، وحل قضية الانكماش المالي والاقتصادي، وتجاوز عواقب العدوان الأرميني. ولكن مع عودة حيدر علييف للقيادة السياسية استجابة للنداء الملح لشعبه استطاعت أذربيجان أن تثبت خطأ المشككين في قدراتها، وأيضا تجاوزها لتحديات الأمن القومي الكبرى، والنجاح في الحفاظ على الاستقلال الذي جرى نيله بصعوبة، وذلك من خلال ضمانات الاستقرار السياسي والتطور الديمقراطي وتحقيق الرفاهية والازدهار الاجتماعي، على الرغم من الفترة الزمنية القصيرة للغاية لتلك المرحلة.
وانطلاقا من الإرادة والرغبة الشعبية، وباعتبارها مهمة ذات أولوية، فإن أذربيجان بقيادة حيدر علييف قد مضت في مسار من التطور الديمقراطي لا رجعة فيه وأخذت في التكامل فى المحيط الأوروبي الشرقي.
وبالتوازي مع الإصلاحات الديمقراطية، فقد تم قطع خطوات واسعة للتحول الاقتصادي الهائل نحو اقتصاد السوق، وتطوير السياسات الإستراتيجية النفطية الجديدة لأذربيجان. وترتكز السياسات الإستراتيجية النفطية الجديدة إلى الشراكة المستدامة، والمصداقية، والتنوع، والشفافية والمصارحة، والتي بلغت ذروتها بالتوقيع على "عقد القرن" الذى بلغ قيمته 50 مليار دولار أمريكي ، وذلك بين جمهورية أذربيجان وشركات النفط العالمية فى عام 1994. وحاليا، فإن أذربيجان بخطوط أنابيبها السبعة العاملة للنفط والغاز، تقدم إسهامها الملموس في توفير الأمن والتنوع لأسواق الطاقة العالمية.
واحتفلت جمهورية أذربيجان هذا العام بمرور20 عاما على توقيع اتفاقية العصر على استخراج النفط والغاز، وخلال هذه المرحلة أذربيجان أحرزت نجاحات كبيرة في تحقيق استخراج النفط والغاز وفي التوصيل إلى الأسواق الدولية من خلال أنابيب النفط - باكو ونوفوروسيسك (أذربيجان - روسيا) عام 1996، وباكو وسوبسا (أذربيجان - جورجيا) عام 1997 وباكو – تبليسي – جيهان (أذربيجان-جورجيا- تركيا) عام 2006 إلى جانب خطوط أنابيب الغاز التصديري الرئيسي باكو- تبليسي- أرزروم (أذربيجان-جورجيا-تركيا) عام 2007. والجدير بالذكر هنا أنه تم وضع الحجر الأساسي لممر الغاز "الجنوبي" في العشرين من سبتمبر لعام 2014 في مدينة باكو بمشاركة قادة الدول والحكومات. وستقوم أذربيجان من خلال هذا المشروع بنقل غازها الطبيعي إلى جورجيا وتركيا واليونان ومنها إلى بلغاريا وألبانيا وإيطاليا والدول الأخرى في المستقبل.
ونتيجة لعملية الدمقرطة الثابتة والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة، والإدارة الحكيمة لعوائد النفط والغاز، فقد تحولت أذربيجان بعد مرور ثلاث وعشرين عاما من الاستقلال من دولة متلقية للمعونات إلى دولة مانحة، كما تجاوز الاحتياطي النقدي الأجنبي 53 مليار دولارا أمريكيا ومازال طامحا للزيادة، واستقر الاقتصاد الأذربيجاني في المركز الـ38 حسب مؤشر التنافسية العالمية في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. وتضع الحكومة نصب أعينها الوصول إلى مرتبة الدول المتطورة في منتصف عام 2020، باعتباره هدفا واقعيا لتحقيقه. ويكفى أن نذكر أنه خلال الخمس سنوات السابقة فقط استطاعت أذربيجان زيادة الناتج المحلى الإجمالي إلى ثلاثة أضعافه تقريبا، وتقليص معدلات الفقر من 49% في عام 2003 إلى 5% عام 2014، كما بلغ حساب الميزان الاقتصادي الخارجي 80% من إجمالي اقتصاد منطقة جنوب القوقاز بأكملها. والأمر الذي أدى إلي تقليل نسبة البطالة إلى 5 بالمئة، كما تم توفير مليون وثلاثمائة ألف فرصة عمل خلال السنوات العشر الماضية.
وفيما يلي بدور أذربيجان في المحافل الدولية يمكن القول بأن جمهورية أذربيجان عضو فعال في العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، والتي تمتد من منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادي، والمجلس الأوروبي وغيرها. ولها برنامج خاص بالشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي وبرنامج فردي مع حلف الشمال الأطلسي. وبالمناسبة، تسلمت أذربيجان رئاسة اللجنة الوزارية للمجلس الأوربي في دورتها الـ124 المنعقدة في السادس من مايو بالعاصمة النمساوية فيينا. وتستغرق رئاسة أذربيجان للجنة الوزارية 6 شهور اعتبارا من 14 مايو. وفى كل الأحوال أذربيجان تتطلع دوما نحو السبل التي تزيد من فاعلية هذه المنظمات، وتقدم العديد من المبادرات في هذا السبيل.
وبعيدا عن هذا الأمر، وعلى ضوء التغيرات الجارية في المنطقة، فإن أواصر العلاقات التاريخية مع العالم العربي والإسلامي والتي تتمتع بطبيعة الحال بالأولوية في إطار السياسة الخارجية لأذربيجان، تفتح أمامنا فرصا جديدة لتعزيز آليات الشراكة القوية مع بلدان المنطقة، ومع مصر على وجه الخصوص.
إن أذربيجان بوصفها دولة عانت احتلال أراضيها، وتهجير مئات الآلاف من مواطنيها بالقوة، لا يمكنها التراجع عن مواقفها الثابتة إزاء الانتهاكات الممنهجة للمعايير الأساسية لقواعد القانون الدولي. وفى هذا الصدد، فإن النزاع بين أرمينيا وأذربيجان مازال مستمرا، ويمثل تهديدا وتحديا خطيرا للسلم والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما يعيق تحقيق التطور الإقليمي بكامل قدراته فى جنوب القوقاز. وقد أسفر النزاع عن احتلال حوالي عشرين بالمائة من أراضى أذربيجان، وتحول أكثر من مليون فرد في البلاد إلى نازح داخلي أو لاجئ. ولم يسلم أثر تاريخي أو ثقافي أذربيجاني؛ بما فيها المواقع الإسلامية التراثية؛ من التخريب أو الدمار، كما لم يسلم موقع مقدس من التدنيس في الأراضي سواء في الأراضي التي احتلتها أرمينيا أو في الأراضي الأرمينية نفسها.
ونحن على يقين راسخ بأنه لا يوجد بديل عن السلم والاستقرار والتعاون الإقليمي ذو المنفعة المتبادلة. ذلك دون المساس بالحقوق المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، لا سيما تلك المنصوص عليها في المادة 51، فإن أذربيجان كانت ومازالت ملتزمة بإيجاد تسوية إزاء عملية النزاع، وهى على ثقة بأن هدفها هو وضع حد للاحتلال الأرميني واستعادة سيادة ووحدة أراضى أذربيجان.
وينبغى أن تدرك أرمينيا أخيرا أن السياسة الاستفزازية غير المسئولة التي تنتهجها لتحقيق أغراضها التوسعية، وإبداء مشاعر العداء والكراهية إزاء الدول والشعوب المجاورة لها، والقائمة على أساس التعصب التاريخي والثقافي والعرقي والديني، لا يمكن لها النجاح."