مجتمع
رامز علييف : حكاية عاشق للساعات منذ 30 عاما
متحف الساعة في بلدة ماشطاغا في باكو ... فضاء يختزن في عمقه كل الأزمنة
باكو، 16 أكتوبر، (أذرتاج)
بمجرد دخولك، يتم الترحيب بك بأصوات مختلفة ومتناغمة " دق دق دق ... تيك تاك تيك تاك... ".
لسنا هنا بصدد الحديث عن فضاء موسيقي، بل عن غرفة كبيرة في منطقة ماشطاغا في باكو، والمعروفة باسم "متحف الساعة" وهي مليئة بالساعات المختلفة.
إنه حقًا مكان رومانسي ومريح للغاية للاسترخاء الروحي، حيث كل من يلج المكان يقع تحت تأثير أصوات الساعة.. كل ساعة هي ذكرى.. وكل ساعة هي عالم خاص...
يقولون إن صوت ساعات الحائط يهدئ الأعصاب، وكل ساعة لها صوتها الخاص...
إحياء لذكرى أبي
بهذا المكان المتميز، يمكنك رؤية الساعات المختلفة وسماع صوتها، التي من دقاتها من يعود بك إلى ساحة الكرملين، ومنها من يجعل ذاكرتك تخطو إلى الوراء لمعانقة رنين المدرسة، ومنها ما يشعرك بأجواء الكنيسة أو فضاءات محطات القطار.
ساعات حائط، معصم، جيب، ساعات رملية، طاولة، منبهات وساعات قديمة... ومن المعروضات ساعات سويدية، وفرنسية، ومن ألمانيا، كذلك تصادف في هذا المعرض ساعات من إيران وروسيا ودول أخرى.
مؤسس المتحف هو رامز علييف، وكان من بين 20 شاباً أرسلوا للدراسة في روسيا من المدارس المهنية التقنية في باكو في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، تخرج من معهد المهندس التربوي في يكاترينبورغ، ثم بدأ حياته المهنية كمدرس للتدريب المهني في المدرسة الثانوية رقم 67 في بلدة دارناغول في باكو، ليصبح مدرسًا ورئيس عمال ورئيسًا لورشة إنتاج التدريس، قبل تقاعده.
في الواقع، كان لدى رامز علييف اهتمام كبير بالطاقة والإلكترونيات منذ البداية، حيث عندما ولد ابنه الأكبر رامين، تم تفعيل الآلية الخاصة التي قام بتركيبها في سرير الطفل عندما بكى الطفل وهز السرير، كما وقبل 40 عامًا، قام بتجميع جهاز التحكم عن بعد، الخاص بتشغيل التلفزيون، كما قام باختراع أجراس صوتية مختلفة لفتح وإغلاق الستائر وأبواب المدخل.
ويقول رامز مستذكرًا تاريخ المتحف الذي أنشأه، أن والده عليميرزا عمل كصانع ساعات لسنوات عديدة، حيث كان محترفًا حقيقيًا في مجاله، وبعد وفاته، بدأ في جمع الساعات لتبقى ذكراه حية.
جمع جمعها على مدى 30 عاما
يقول صاحب المتحف: " لكي تعمل أي ساعة، يجب أن يكون هناك مصدر ما للطاقة، إذ تحتوي الساعات على زنبرك، ومصدر للحرارة، وكهرباء، وأخرى تعمل بالبطارية، و من بين الساعات التي جمعتها من أماكن مختلفة، يمكنك العثور على ساعة تعمل بجميع أنواع الطرق".
تشمل المجموعة الساعات الميكانيكية والبطارية والشموع وحتى الساعات الرملية، ويضيف قائلا وهو يتباهى بساعة مثقلة صنعها:
" ترتفع الأوزان ويعمل ثقل الساعة، وبعد حوالي أسبوع من الجري، تنزل الأوزان ويجب عليك رفعها مرة أخرى ".
يقوم رامز علييف بجمع معروضات الساعات منذ ما يقرب من 30 عامًا، فمنها من لم تكن تعمل، ومنها من كانت عديمة الفائدة، ومنها من أُعطى من أجل الحصول عليها أسهماً، ومنها تم شراؤها بالمال.
لقد أعطى حياة ثانية لمعظم الساعات بيديه، وبذلك تم جمع ما يقرب من 3000 ساعة في مجموعة رامز علييف، تضم أكثر من 1500 ساعة يد رجالية ونسائية، وحوالي 700 ساعة جيب، وحوالي 200 ساعة حائط وساعات أخرى.
من بين الساعات الموجودة في المجموعة، تعتبر ساعة اليد النسائية الصغيرة جدًا ذات الحجم الدائري أكثر إثارة للاهتمام، وفي ساعة أخرى تعزف مقطوعة موسيقية تسمى "حدائق الورود".
الساعة ليست كالساعة
تضم المجموعة عددًا كبيرًا من الساعات ذات آليات العمل المصنوعة من الخشب والتي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، ومن بين الساعات القديمة والنادرة هناك تلك التي يبلغ عمرها 100 أو حتى 150 أو 200 سنة. الساعة، ساعات تجذب الانتباه أيضًا بأصالتها.
ومن بين المعروضات، يمكنك أيضًا مصادفة ساعات لا توجد في أي مكان آخر، هذه الساعات صنعها الجامع بنفسه، حيث وعلى سبيل المثال، إحدى الساعات الأصلية التي ترن كل 15 دقيقة تعرض تاريخ الشهر واليوم من الأسبوع والشهر، ولإصلاح ذلك، كان من الضروري ربط آليتين على مدار الساعة.
وساعة أخرى من صنع رامز الخيالي يتابعها باهتمام زوار المتحف، حيث يوجد في وسطها صورة لسيدة تحمل العصي، وفي الواقع فإن العصي الموجودة في يدي السيدة تحل محل اليدين، إحداهما تظهر الساعة والأخرى تظهر الدقيقة.
ساعات الجيب في المجموعة، هي أيضًا أنيقة ومثيرة للاهتمام، ذات الكرونومتر والمكرر ومؤشرات اليوم والشهر لا تترك الزوار غير مبالين، معظمها مصنوع من الفضة.
ومن الجدير بالذكر أيضًا، ساعات الحائط الرخامية الفرنسية الصنع التي تصدر صوت البجعة كل ساعة، والساعة ذات المصباح بطابع جمالي وأصلي، التي لا تظهر الوقت ليلاً فحسب، بل تضيء الغرفة أيضًا...
بعض ساعات الحائط ملفتة للنظر بشكل خاص، حتى أن هناك واحدة بها أجراس، مع انعكاس بعض الأرقام، وأخرى تصدر نداء طائر.
ويمكن مشاهدة في المتحف ساعات عليها صور القائد العظيم حيدر علييف، ومصطفى كمال أتاتورك، والمارشال جوكوف.
الرغبة في صنع ساعة تعمل بالطاقة الخضراء
رامز علييف، وهو مهندس طاقة حسب المهنة، معجب بزوار المتحف الذي أنشأه حبه للساعات، وأسلوبه الأصلي والخيالي في التعامل معها.
ومن المثير للاهتمام أيضًا أنه من بين آلاف الآليات، لا توجد ساعة واحدة تكون نسخة مكررة من الأخرى. حتى لو كانت هناك ساعات من نفس المنتج، فكل ساعة لها تفردها واختلافها.
الآن، يقول رامز علييف معبرا عن رغبة كبيرة: " في كل مكان، أصبح الاستخدام الواسع النطاق للطاقة الخضراء والمصادر البديلة ذا أهمية ملحة. أفكر أيضًا في صنع آلية تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه هذا العام، أمنيتي الأخرى هي أن أحصل على مكانة المتحف لمجموعتي، إذا تمكنت من القيام بذلك، فسيكون "متحف الساعة" الأول في بلادنا".
من الصعب ترك عالم الساعات، ولكل منها مبدأ عملها وصوتها، وحتى بعد خروجك من فضاءها، تسمع في أذنيك الأصوات التي تريح القلب والروح... تك تاك تك تاك تك تاك....