ثقافة
نشر مقال عن التراث الثقافي لقره باغ على موقع تحليلي أمريكي
واشنطن، 29 ديسمبر، أذرتاج
نشر موقع " Republic Underground" التحليلي الأمريكي مقابلة أجرتها الصحفية الأمريكية والمحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان إيرينا سوكرمان مع الدكتور في الفلسفة في تاريخ الفن نيجار أخوندوفا حول التراث الثقافي لقره باغ تقدم أذرتاج نص هذه المقابلة.
• ما رأيك في المقال الصادر عن معهد سميثسون بعنوان "لماذا يدعو العلماء والمؤسسات الثقافية إلى حماية التراث الأرمني؟"
• - لقد أمعنت في قراءة هذا المقال ويجب أن أقول إن هذا المقال كتب جراء الحملة الواسعة النطاق التي قام اللوبي الأرميني بها حول العالم. إني أرى في هذا المقال الرغبة في لفت الانتباه إلى عملية تحرير الأراضي المحتلة في قره باغ، أكثر من الحفاظ على التراث. في الوقت الحاضر، يجري تنفيذ هذه العملية وفقاً للبيان الثلاثي لرؤساء أذربيجان وروسيا وأرمينيا. هذه العملية شرعية تماماً وتستند إلى أربعة قرارات صادرة عن مجلس الأمن للأمم المتحدة (822 و853 و874 و884). لذلك يحاول خصومنا جذب المجتمع الدولي إلى جانبهم بأي وسيلة كانت، حيث أنهم لم يعثروا على أي دليل قانوني فأنهم يتلاعبون بالثقافة والتراث التاريخي والدين والمفاهيم الأخرى المقدسة لكل إنسان.
صدقيني بصفتي ناقدة فنية، أنا أحترم التراث الثقافي لجميع الشعوب، بغض النظر عن قدمها وعددها. تستند أنشطة اليونسكو ومجلس أوروبا والإيسيسكو والمنظمات الدولية الأخرى إلى مبدأ "الجميع متساوون" (ALL DİFFERENT-ALL EQUAL). لذلك، أنا مندهش حقاً من أن الأشخاص الأذكياء والمتعلمين والمعترف بهم من قبل المجتمع العالمي المحترف، يبدون التجاهل الواضح للمعايير الأخلاقية والأدبية، ويتعاطفون مع الحفاظ على التراث الثقافي لأحد جانبي الصراع فقط، ولكنهم لا يريدون أن يروا ويعرفوا ما هو واضح في الجانب الآخر؛ إنهم يطالبون بحماية التراث الأرمني من خلال غض الطرف عن الدمار الكبير وأعمال التخريب التي ارتكبت في الأراضي المحررة لأذربيجان. لذا، أنا لا أتحدث عن مساجد المسلمين بعد، فماذا عن الأضرحة الموروثة من ألبانيا القوقازية أو الكنائس الأرثوذكسية الروسية ؟ ولا حاجة إلى حمايتها واستعادتها؟ السؤال المطروح في عنوان المقال بصراحة لم يكن موضوعياً تماماً.
- كيف تردين على نقاد الفن وغيرهم من المؤلفين المقتبسين في تلك المقالة؟
- أود أن أدعو زملائي، أولاً إلى النظر في الوضع في منطقة الصراع في قره باغ بعد الحرب بطريقة مدروسة وموضوعية، لدراسة وجهات نظر الجانبين. كنت آخذهم إلى أغدام أي "مدينة الأشباح" التي يسميها الصحفيون الأجانب "هيروشيما أذربيجان" أو إلى مدينة أخرى في بلدنا وهي فضولي. كما قال رئيسنا إلهام علييف، لم يكن هناك مبنى واحد سليم في هذه المدينة حتى نتمكن من رفع العلم الأذربيجاني عليه. ثم كنت آخذهم إلى شوشا وطن أمي. مما لا شك فيه أن شوشا تحت رعاية عباقرة الشعر والموسيقى("genius loci")، في تلك الأماكن. لأنه برز هنا الموسيقيون والشعراء المعروفون أمثال مير موسم نواب وعزير حاجبيلي وبلبل وخان شوشينسكي وسيد شوشينسكي وواقف وابنة خان خورشيدبانو ناتوان. وتأسست هنا بالذات مدرسة "مقام" الشهيرة لقره باغ.
كما هو الحال في جميع الأراضي المحتلة، تم تدمير المتاحف وآثار التراث الثقافي عمداً في شوشا. من أبشع أعمال البربرية المتعمدة هو استهداف تماثيل عزير حاجبيلي وبلبل وناتوان بالرصاص والذين كانت لهم متاحف منزلية في شوشا. إن مصير هذه التماثيل مؤسف. تم إطلاق النار عليها أولاً من قبل المسلحين الأرمن وثم تم بيعهم إلى جورجيا على أنهم خردة معدنية، وعن طريق الصدفة فقط تعرفت الحكومة الأذربيجانية على موقع وجود التماثيل واشترتها ونقلتها إلى باكو. لا تزال التماثيل موجودة في باكو. آمل أن يكون من الممكن في المستقبل القريب إعادتها إلى أماكنها السابقة.
- بشكل عام، ما هو وضع الآثار ومواقع التراث الثقافي لأذربيجان في الأراضي المحررة؟
- تجدر الإشارة إلى أن كلاً من أذربيجان وأرمينيا انضمتا إلى اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نشوب صراع مسلح. بناءً على هذه الحقيقة، يقع على عاتق كلا البلدين التزامات كبيرة ومسئولية عالية، بل وحتى مسئولية جنائية، عن الأفعال المرتكبة. عندي أمل كبير في أن يتمكن وفد اليونسكو من إجراء تقييم موضوعي للوضع وحجم الدمار في الأراضي المحررة بعد الزيارة التفقدية لأذربيجان.
قرأت النداء العاطفي لدان فايس والرئيس والمدير التنفيذي لمتحف متروبوليتان للفنون ماكس هولاند للحفاظ على التراث الثقافي للمنطقة. وأنهما يستخدمان تعبيراً عاطفياً قوياً مثل "نتوسل إليكم" (we implore). يتضح من سياق هذه الوثيقة أنهما يتحدثان عن التراث الثقافي للأرمن فقط، وهذا النداء موجه إلى الجانب الأذربيجاني، أي أن مخاوف وانعكاسات أصحاب النداء تتعلق بالتدمير المحتمل افتراضياً في المستقبل، ولكن مستحيل في الواقع. ومع ذلك، تم تدمير التراث الثقافي بوحشية في الأراضي المحررة من قبل الأرمن ولا أحد أن برى هذا.
إني آمل بأن يقرأ زملائي المحترمون هذه المقابلة ويجيبون على سؤالي: إذا لم يبق شيء للحماية في الأراضي المحررة بعد 30 عاماً من الاحتلال، إلى من وماذا ينبغي أن نتوسل نحن الأذربيجانيون؟ لقد دُمرت المدن بالكامل ونُهبت القرى وأصبحت الأراضي وحدائق الزهور في المناطق السكنية التي كانت مزروعة في الماضي ملغومة ومليئة بالخنادق التحصينات العسكرية. تم تدمير 22 متحفاً وفرعاً للمتاحف بعدد إجمالي حوالي 100 ألف معروض و4 معارض للرسم و4 مسارح وقاعتين للحفلات الموسيقية و8 حدائق عامة وأكثر من 700 معلم تاريخي وثقافي ومئات المكتبات وأكثر من ذلك وأكثر. (أخذت هذه الأرقام من المرجع الرسمي الخاص بأذربيجان الذي قدمه المجلس الدولي للمتاحف- ICOM) إلى اليونسكو. تعرض ضريح الشاعر الأذربيجاني الشهير ورجل الدولة في إمارة قره باغ للقرن الثامن عشر ملا بناه واقف للإهانة.
أما بالنسبة للمواقع الدينية، فلم يتبق اليوم سوى ثلاثة من بين 67 مسجداً كانت تعمل في الأراضي المحتلة قبل حرب قره باغ الأولى. انتبهوا بهذه الأرقام! تم تدمير 64 مسجداً عاملاً بالكامل، وتربى الأرمن المواشي فيها. كما دمر الغزاة الكنيسة الأرثوذكسية التي بنيت عام 1894 في قرية كوروباتكينو بمنطقة خوجاوند. هذا هو "احترامهم" لإخوتهم!
ولكن لماذا لا تسبب كل هذه الحقائق الواضحة "القلق والانزعاج" لدى خبرائنا المحترمين؟
- ما هو موقف أذربيجان من هذه القضية برمتها؟
- على عكس أرمينيا وحيدة القومية، فإن أذربيجان بلد متعدد الجنسيات ومتعدد الأديان. إننا نفتخر بأن الشعب الأذربيجاني يتكون من العديد من المجموعات العرقية، بما في ذلك الليزكي والروس والتاليش والأوار والأتراك واليهود والتاتار والأوكرانيين والجورجيين والساهور والأكراد والأودين والأرمن وغيرهم من الشعوب. توجد كنيسة أرمينية تم ترميمها في وسط باكو، حيث يتم حفظ آلاف الكتب المنشورة باللغة الأرمينية؛ تم ترميم كاتدرائية نساء "ميرونوسيس" الأرثوذكسية في باكو على حساب تبرع شخصي من رجل الأعمال الأذربيجاني أيدين قربانوف ؛ في الواقعة يقع معبدان يهوديان في نفس الشارع - معبدا لليهود الأشكناز ويهود الجبال ؛ تم ترميم الكنيسة اللوثرية الرائعة على حساب الدولة ؛ تم بناء معبد كاثوليكي جميل في باكو قبل بضع سنوات. قد يكون من المثير للاهتمام بالنسبة للناقدين الفنيين أن يدرسوا تجربة أذربيجان في مجال التعاون الدولي: فقد تم ترميم إحدى أقدم الكنائس في القوقاز - الكنيسة الألبانية في قرية كيش في مقاطعة شاكي من قبل متخصصين نرويجيين وسويديين وأذربيجانيين.
بمبادرة من النائبة الأولى لرئيس أذربيجان ورئيسة مؤسسة حيدر علييف مهريبان علييفا تم ترميم سراديب المتوفين المسيحية القديمة للقديس مارسيلينو والقديس بطرس في روما. تم تخصيص الأموال لترميم الزجاج الملون وتركيب الزجاج الملون في كنيسة القديسة ماريا في باكو ويجري العمل على نطاق واسع لترميم كنيسة القديسة مريم الأرثوذكسية في موسكو. قد يتسألون: لماذا تمول أذربيجان التي غالبية سكانها مسلمون استعادة التراث المسيحي؟ وقدمت السيدة مهربان علييفا أفضل إجابة على هذا السؤال: "الصداقة والأخوة المتأصلة دائماً في الشعوب التي تعيش في بلدنا ووجود العديد من الطوائف الدينية هو ثروتنا العظيمة".
ألا تعتقدون أنه في بلد تحترم فيه جميع الأديان ويتم تمثيل جميع ممثلي الأديان في جميع الأعياد الوطنية، فإن "الاهتمام بحماية التراث المسيحي" أمر غير طبيعي وملفق وإثارة "القلق" بشكل فعال هو وسيلة واضحة للضغط السياسي؟ أعتبر أيضاً رأي إيرين بلاكمور الوارد في هذا المقال حول طبيعة الصراع في قره باغ كانها صراع بين الأعراق والأديان خاطئاً، لأن التعددية الثقافية هي السياسة الرسمية لدولتنا وطريقة حياة طبيعية لمواطني أذربيجان وكل الحقائق المذكورة أعلاه تؤكد ذلك. أود أن ألفت انتباهكم إلى حقيقة أن الأذربيجانيين المسلمين والمسيحيون - الروس والأوكرانيون والجورجيون والأودين يعيشون جنباً إلى جنب مع اليهود والتتار والعديد من المجموعات العرقية الأخرى التي تعيش في أذربيجان كأصدقاء مخلصين وطيبين. كل هذا يؤكد مرة أخرى أن أساس الصراع لم يكن بدوافع دينية أوعرقية، بل مزاعم ارمينية على اراضي اذربيجان.
- كيف يكون من الأفضل نشر معلومات حقيقية حول هذا الموضوع في أوروبا والولايات المتحدة وكندا؟
- هذا عمل واسع النطاق سيستغرق سنوات عديدة. يجب استخدام كل الوسائل الممكنة لهذا الغرض. هناك حاجة الى ضمان المشاركة المنتظمة للقنوات الدبلوماسية على المستوى الدولي والمهنيين من علمائنا في المؤتمرات في الخارج وتنظيم المؤتمرات الدولية في بلدنا. أما بالنسبة لتكوين الرأي العام، فإن التلفزيون والموارد الإلكترونية والشبكات الاجتماعية وإنتاج الأفلام الوثائقية، وربما الأفلام الروائية هي من هذه الأدوات. وتجدر الإشارة إلى أن نشاط شبابنا في الشبكات الاجتماعية قد أثمر بعض النتائج. يجب الكشف عن أكاذيب الأعداء وفضحها خلال وقت قصير إلى حد ما وتقديم معلومات موثوقة بانتظام للمستخدمين.
- هل هناك أي خطط للتعاون مع وزارة الخارجية الأمريكية أو المنظمات الخاصة أو الجامعات في هذا الشأن؟ ماذا عن الصحفيين؟ -شخصياً أنا، ليست لدي معلومات عن تعاون مع وزارة الخارجية الأمريكية والمنظمات والجامعات الخاصة. ومع ذلك، أعلم أنه خلال العمليات العسكرية، قام سفراء البلدان المختلفة المعتمدين في أذربيجان بزيارة كنجه وبردا ليشهدوا تدمير مساكن بأكملها ومقتل مدنيين بالصواريخ وقذائف المدفعية من قبل القوات المسلحة الأرمينية. قُتل ما مجموعه 94 مدنياً، بمن فيهم كبار السن والنساء و11 طفلاً خلال حرب قره لاغ الثانية.
أما بالنسبة للصحفيين، فقد كانوا نشطين للغاية، لكن بالطبع تم ذلك في إطار ضمان سلامة هؤلاء الناس، لأنه كما قلت كل المناطق المحررة كانت ملغومة، وحتى جثث القتلى كانت ملغومة ليقع ضحايا جدد عند سحب الجثث.
- ماذا عن خطط ترويج القيم الثقافية لأذربيجان في الخارج؟
- تم استخدام "القوة الناعمة" بنجاح في السياسة الخارجية لأذربيجان في مجال الثقافة: الحفلات الموسيقية والمعارض والمشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية وإشهار الكتب ونشر المجلات باللغات الأجنبية (للأسف، أدخل الوباء تعديلات على هذه الخطط). من ناحية أخرى، تستضيف بلادنا بانتظام منتديات إنسانية دولية ومؤتمرات ثقافية عالمية ومهرجانات موسيقية ومسرحية دولية. تعمل مؤسسة حيدر علييف جاهدة للحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي وترويجه ودعم الشخصيات الثقافية الأكبر سناً والمواهب الشابة.
تعد الثقافة من أهم الأولويات في منظومة القيم الوطنية. أعتقد أن المبادرات الشخصية مهمة جداً أيضاً ويمكن أن تكون فعالة جداً. مواطنو بلدي في بعض الأحيان متواضعون للغاية ولا يريدون جذب الانتباه. أنصحهم بأن يكونوا أكثر شجاعة وأن يتحدثوا أكثر عن بلدنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ... بعد كل شيء ، لدينا كلمة لنقولها.
مكتب واشنطن لوكالة أذرتاج