الذاكرة الدموية
إدراج مقالة عن مجزرة خوجالي في صحيفة
باكو، 15 مارس / آذار (أذرتاج).
نشرت صحيفة "المسائية" المصرية الشهيرة في عددها بتاريخ 10 مارس عام 2012 مقالة تحت عنوان "مأساة خوجالي: صفحة مؤلمة في تاريخ أذربيجان المعاصر" بقلم الدكتور أحمد سامي العايدي المدرس بجامعة عين شمس المصرية الشهيرة والمتخصص في الدراسات الأذربيجانية.
أفادت وكالة (أذرتاج) نقلا عن السفارة ان صاحب المقالة يتحدث عن تاريخ مدينة خوجالي والمجزرة التي ارتكبها الأرمن ضد سكانها الاذربيجانيين العزل. إليكم نص المقالة:
"أحييت جمهورية أذربيجان هذه الأيام الذكرى العشرين على مأساة مدينة خوجالي إحدى أبشع المآسي في تاريخ أذربيجان خلال القرن العشرين؛ حيث قامت القوات المسلحة الأرمينية في ليلة السادس والعشرين من فبراير/ شباط 1992م بالهجوم على مدينة خوجالى الأذربيجانية، وذلك بدعم ومساعدة من الفوج 366 مشاه التابع للجيش السوفيتي والمقيم بمدينة خانكندلى القريبة من هناك.
وقد أسفر هذا الهجوم عن تدمير مدينة خوجالي بالكامل، وراح ضحيته 613 شخصا من الأذربيجانيين الأبراء، من بينهم 106 امرأة، 63 طفلاً، و 70 مسنا، وتم القضاء على ثماني أسر بالكامل، وهذا بجانب اعتقال 1275 شخصا أذربيجانيا، منهم 150 شخصًا لا يُعرف مصيرهم حتى الآن.
لقد سعت أرمينيا منذ أن استقلت جمهورية أذربيجان عن الاتحاد السوفيتي السابق في 18 أكتوبر 1991م في تكثيف سياستها المعادية لأذربيجان، واحتلت منطقة قراباغ الجبلية التي تمثل عشرين بالمائة من أراضي أذربيجان، وقامت قبل ذلك بطرد 200 ألف أذربيجاني من أرمينيا عام 1988م. وأدت هذه السياسة التي تنتهجها أرمينيا إلى تدمير مئات القرى الأذربيجانية، وإراقة دماء عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، وطرد وتشريد آلاف المئات من المدنيين العزل، ولكن بالرغم من هذا كله تعد مأساة خوجالي هي الأكثر حدة وبشاعة في كل هذه الأحداث.
ولكن هناك سؤالا يطرح نفسه هو لماذا مدينة خوجالي بالذات التي تقع بها هذه المأساة ؟
وللإجابة على هذا السؤال المهم علينا أن نعرف أن مدينة خوجالي تقع وسط منطقة قراباغ الجبلية الأذربيجانية المحتلة حاليًا من قبل الأرمن، ولها موقع استراتيجي مهم في هذه المنطقة. وتعد مدينة خوجالي هي ثاني أكبر المناطق السكنية للأذربيجانيين بعد مدينة شوشا في قراباغ الجبلية، ويعيش بها سبع آلاف نسمة. وهي على بعد عشرة كيلو مترات من مدينة "خانكندلى" في الجنوب الشرقي من أذربيجان، عند سلسلة جبال قراباغ، كما يوجد بها المطار الوحيد بمنطقة قراباغ الجبلية بأكملها.
ويجدر بنا في هذا المقام الإشارة إلى أن مدينة خوجالي هي مدينة يسكنها الأذربيجانيون منذ زمن بعيد، حيث بها حتى الآن آثار تاريخية قديمة، وبها آثار حضارة خوجالي - جداباى الأذربيجانية التي تعود إلى القرنين الرابع عشر والثاني عشر قبل الميلاد. وعثر بها أيضًا على آثار مدفونة تعود إلى نهاية العصر البرونزي وأوائل العصر الحديدي مثل بعض الصناديق الحجرية، والسراديب والمقابر الضخمة. وغير ذلك من الآثار التي تعود لحضارة الأذربيجانيين القدامى.
لم يكن الهجوم على مدينة خوجالي مفاجئا، بل كان مخططًا ومدبرًا من قبل. فقد حاصر الأرمن المدينة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 1991م (أي منذ بداية إعلان أذربيجان لاستقلالها عن الاتحاد السوفيتي). وفي 30 أكتوبر من العام نفسه، مُنع وصول الحافلات إليها، وأصبحت وسيلة المواصلات الوحيدة لهذه المدينة هي "طائرات الهيلوكبتر". وقدمت آخر "طائرة هيلوكبتر" إلى خوجالي في الثامن والعشرين من يناير/ كانون الثاني 1992، وبسبب إسقاط طائرة هيلوكبتر مدنية من سماء مدينة شوشا راح ضحيتها 41 شخصا، قطعت هذه الوسيلة أيضًا. واعتبار من الثاني من يناير/ كانون الثاني 1992م منع مد المدينة بالطاقة الكهربائية. وقد ظلت المدينة صامدة بفضل شجاعة أهلها، وجسارة المدافعين عنها. وكان دفاع المدينة عبارة عن مجموعة دفاعية محلية مسلحة بأسلحة بسيطة، وجنود من رجال الشرطة والجيش الوطني.
وبداية من النصف الثاني من شهر فبراير/ شباط أحكمت القوات الأرمينية حصارها على المدينة، وكانت تشن عليها هجمات يوميًّا وتقوم بإطلاق النار على المدينة، حتى قامت بهذه المأساة البشعة في ليلة السادس والعشرين من فبراير/ شباط 1992.